للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدولة العباسية، وتولى الوزارة، وأما يحيى، فإنه كان من العقل وجميع الخلال على أكمل حال، وكان المهدى بن أبي جعفر المنصور قد ضم إليه ولده هارون الرشيد، وجعله في حجره، فلما استخلف هارون، عَرَفَ له حقه، وقال له: أنت أجلستني في هذا المجلس ببركتك وحسن تدبيرك، وقد قلَّدتك الأمر، ودفع إليه خاتمه، وكان يعظِّمه، وإذا ذكره، قال: أبي، وجعل إصدار الأموال وإيرادها إليه، إلى أن نكبت البرامكة، فغضب عليه، وخلَّده في الحبس إلى أن مات، وقَتل ابنه جعفراً، وكان من الكرماء البلغاء العقلاء.

ومن كلامه: ثلاثة أشياء تدل على عقول أربابها: الهدية، والكتاب، والرسول.

ولما قتل هارون جعفر بن يحيى البرمكي، نكب البرامكة، وحبس يحيى والفضل بالرقة، وهي البلد المشهور على شاطئ الفرات.

ويحكى: أن خالد بن يحيى اشتهى في وقت من الأوقات في محبسه وهو مضيق عليه سكباجة، فلم يطق اتخاذها إلا بمشقة، فلما فرغ منها، سقطت القدرة من المتخذ لها، وانكسرت، فأنشد يحيى أبياتًا يخاطب الدنيا وغيرها، وضمنها اليأس وقطع الأطماع.

ولم يزل يحيى في حبس الرقة إلى أن مات في الثالث من المحرم، سنة تسعين ومئة، ومات فجأة من غير علة، وهو ابن سبعين سنة، وقيل: أربع وسبعين، وصلى عليه ابنه الفضل، ودفن في شاطئ الفرات.

ووُجِدَتْ في جبته رقعةٌ فيها مكتوب: قد تقدم الخصم، والمدعى