والإنسان فاعل مختار ضمن ظروف وأحوال محيطة به، فهو في شأنه وسط، وهو حر في حدود النظام الكوني العام، وما مثله إلا كمثل من يعيش في حديقة غنّاء واسعة يتمتع بكل ما فيها من خيرات ونعم وثمار وظلال، ويتجنب ما قد يكون فيها من مخاطر ومضار، ولكنه لا يستطيع تجاوز سور الحديقة.
ويوضح ذلك مثال آخر فيما يفعله الإنسان فهو مباشر للفعل بإرادته وحريته، والله يهيئ له أسباب المباشرة، ويحقق له نتائج العمل، وينسب الله له فضيلة هذا العمل، ويمنحه القوة والعون على فعله، وله الثواب في الطاعة، وعليه العقاب في المعصية أو المخالفة، وهذا معنى قول الله تعالى:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}[الأنفال: ١٧] ، وقوله عز وجل:{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}[آل عمران: ١٢٦] ، وقوله سبحانه:{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ}[آل عمران: ١٦٠] .
وندرك حينئذ معنى العمل وفائدة الدعاء وطلب التوفيق من الله تعالى.