وهذا التخيير بين عقوبة القصاص والدية والعفو مما تميزت به شريعتنا للدلالة على الوسطية والاعتدال، فقد شرع القصاص وحده في الديانة اليهودية، والعفو وحده في الديانة المسيحية، ثم جاء النظام الإسلامي جامعاً بين المزايا كلها، لإبقاء صنائع المعروف والمودة والفضيلة، وتقليل تطبيق العقوبة، وجعله هو الشائع بين الناس.
٧- اعتبار تأثير البواعث والنيات:
قال الله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} . . [البينة: ٥] .
وقد ثبت في السنة النبوية المشهورة فيما أخرجه الشيخان " البخاري ومسلم " عن عمر (أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال:«إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» ومنه استنبطت قاعدة المعاملات: "الأمور بمقاصدها ". واعتبر الباعث السيئ في بيوع الآجال وزواج التحليل وبيع العنب لعاصره خمراً، وبيع السلاح في الفتنة ونحو ذلك سبباً عند جمهور العلماء لإفساد العقود وتحريمها، فيكون أساس الأعمال وتحقيق الثوابت هو النية الطيبة والإخلاص في العمل.