والاجتهاد في الشريعة يتطلب أهلية معينة أو كفاءة محددة كأي اختصاص علمي آخر، والمجتهد دقيق النظر والخبرة، فعليه أن يتوصل لما يراعي مصالح الناس في كل زمان ومكان بحيث يحقق ما يعرف بمدلول الفقه الحضاري، الجامع بين الالتزام بضوابط الشريعة الإلهية، ومقتضيات الواقع والمصلحة الزمنية والمكانية، وحتى لا يبادر الناس إلى تطبيق ما هو غريب عن الإسلام، وحتى تظل الهيمنة في الاستيعاب والنظر والإدراك والسلوك لمعطيات الإسلام الأصيلة لأن الإسلام هو دين الحق، كما قال تعالى:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[الصف: ٩] .
ومعالم الفقه الحضاري تتمثل في منهج الوسطية في مراعاة قواعد الإيمان والإسلام، وعالمية الشريعة، وخلود التشريع وخاتميته، ولا بد من إدراك هذا التلازم بين العقيدة والشريعة، والعبادة، والأخلاق والسلوك، والمعاملة الرشيدة والصحيحة.