للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضلاله، فتحبه على قدر ما معه من خير وتبغضه على قدر ما معه من شر وهذا مقتضى العدل، أن يُنَزَّل كلُ شخص منزلة ما معه من خير أو شر

- حسب ظاهر حاله، ونحن كبشر، نخطئ في تقدير هذه المنزلة تقديرًا دقيقًا في تعاملنا مع الناس، ولكننا مأمورون بالاجتهاد في ذلك، حسب القدرة والطاقة، قال تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا) (١)، وعلى هذا يجب أن يجتهد المسلم في تعامله مع الناس، بإعطاء كل صاحب منزلة ما يستحق من حب وبغض، بلا إفراط ولا تفريط، فمن غلبت عليه الطاعة أو غلبت عليه المعصية، أو اجتمع فيه شيء من الطاعة والمعصية، عامل كلاً بحسب حاله، بأن يعطي كل صفة حظها من الحب والبغض في الله وما يترتب على ذلك من إقبال وصحبة، وإعراض وقطيعة، وسائر الأفعال المرتبة على الحب والبغض في الله، ومثال ذلك من كان له زوجة حسناء أو ولد ذكي، ولكنهما فاسقان بسبب ارتكابهما بعض صغائر الذنوب، فإنه يحبهما من وجه ويبغضهما من وجه آخر، ويكون معهما على حالة بين حالتين من الحب والبغض، وكذلك لو كان لرجل ثلاثة أولاد، الأول ذكي صالح بار، والثاني فاسق بليد عاق، والثالث ذكي عاق، فإنه يجعل نفسه معهم على ثلاثة أحوال متفاوتة بحسب تفاوت خصالهم (٢).

فالحب والبغض للناس عامة وللمسلمين خاصة، يجب أن يكون بحسب ما فيهم من خصال الخير والشر، فإن العبد يجتمع فيه سبب الولاية، وسبب العداوة، والحب والبغض، فيكون محبوبًا من وجه مبغوضًا من وجه آخر، والحكم في ذلك للغالب منهما (٣).


(١) سورة التغابن آية (١٦).
(٢) انظر فضيلة الألفة والأخوة / مخطوطة بجامعة الرياض قسم المخطوطات برقم (١٦٠٥) الورقة من (٨ - ٩) المؤلف غير معروف - كتبت حوالي نهاية القرن التاسع الهجري.
(٣) انظر شرح الطحاوية ص ٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>