(١) كلمة "مَنْ" من ألفاظ العموم، فهي تعطي دلالة كليّة عامَّة تَشْمَلُ كلَّ مكلَّف، وهي اسم شرط جازم.
(٢) وفعل الشرط "يَعْمَل" يشمل كلّ عَمَلٍ إراديٍّ من الأعمال الظاهرة والباطنة.
(٣) وعبارة "مثقال ذرّة" عبارةٌ ذات شمول يبدأ من أصغر الأعمال وأقلّها عدداً، وينطلق دون حدود عِظَماً وعدداً كثيراً.
(٤) وكلُّ من كَلمَتِيْ: "خيراً" و"شرّاً" تمييز على تقدير "من" وهو منكر، فهو يفيد العموم الذي يشملُ كلَّ خير وكلَّ شرّ ظاهر أو باطن.
(٥) وكلمة: "يَرَهُ" التي هي جواب الشرط تدلُّ على حتميّة رؤيَةِ عَمَلِهِ الذي كان عَمِلَهُ في الدنيا، إذْ يراهُ في كتاب أعماله مسجَّلاً بالصُّورة والصوت والخواطر والنّيات.
هذا من أبدع وأعْجَب "إيجاز الْقِصَرِ" وطريقُه اختيار الألفاظ والتعبيرات ذوات الدَّلالات العامَّات الشّاملات.
***
المثال الثاني:
قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (البقرة/ ٢ مصحف/ ٨٧ نزول) :
إنّ جملة:{وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ} من أبْدع وأتْقَنِ "إيجَازِ الْقِصَر" الذي لا حَذْف فيه، إنّما فيه حُسْنُ انتقاء الكلمات، مع اتقان الصياغة، فهي على قِصَرِها وقلّةِ ألفاظها تَدُلُّ على معنىً كثيرٍ جِدّاً.
وطريق الإِنجاز فيها اختيار الألفاظ ذوات الدَّلالات العامَّاتِ الشاملات.