وقال ابن قدامه:[قال مهنا: سألت أبا عبد الله - يعني الإمام أحمد - عن رجل له دين برهن وليس عنده قضاؤه، ولهذا الرجل زكاة مال يريد أن يفرقها على المساكين فيدفع إليه رهنه ويقول له: الدين الذي لي عليك هو لك ويحسبه من زكاة ماله، قال -أحمد- لا يجزيه ذلك، ثم قال ابن قدامة معللاً ذلك: لأن الزكاة لحق الله تعالى، فلا يجوز صرفها إلى نفعه، ولا يجوز أن يحتسب الدين الذي له من الزكاة قبل قبضه، لأنه مأمور بأدائها وإيتائها وهذا إسقاط، والله أعلم] المغني ٢/ ٤٨٧.
وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن إسقاط الدين عن المعسر، هل يجوز أن يحسبه من الزكاة؟ فأجاب:[وأما إسقاط الدين عن المعسر فلا يجزئ عن زكاة العين بلا نزاع] الفتاوى ٢٥/ ٨٤.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: [وكان سفيان بن سعيد الثوري فيما حكوا عنه يكرهه ولا يراه مجزئاً - أي إسقاط الدين واحتسابه من الزكاة - فسألت عنه عبد الرحمن، فإذا هو على مثل رأي سفيان، ولا أدري لعله قد ذكره عن مالك أيضاً، وكذلك هو عندي غير مجزئ عن صاحبه، لخلال اجتمعت فيه:
أما إحداها: فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة كانت على خلاف هذا الفعل، لأنه إنما كان يأخذها من أعيان المال عن ظهر الأغنياء ثم يردها في الفقراء، وكذلك كانت الخلفاء بعده ولم يأتنا عن أحد منهم أنه أذن لأحد في احتساب دين من زكاة، وقد علمنا أن الناس قد كانوا يدانون به في دهرهم - أي يتداينون -.