فأصحاب البستان عزموا على حرمان المساكين من الصدقة فعاقبهم الله سبحانه وتعالى بخلاف قصدهم، قال العلامة ابن كثير:[هذا مثل ضربه الله تعالى لكفار قريش فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة، وأعطاهم من النعمة الجسيمة، وهو بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة، ولهذا قال تعالى: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ (أي اختبرناهم (كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ (وهي البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (أي فيما بينهم ليجذُنَّ ثمرها ليلاً لئلا يعلم بهم فقير ولا سائل ليتوفر ثمرها عليهم ولا يتصدقوا منه بشيء (وَلَا يَسْتَثْنُونَ (أي فيما حلفوا به، ولهذا حنثهم الله في أيمانهم فقال تعالى: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ (أي أصابتها آفة سماوية (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (].
ثم قال ابن كثير أيضاً: [قد ذكر بعض السلف أن هؤلاء قد كانوا من أهل اليمن، قال سعيد بن جبير: كانوا من قرية يقال لها ضروان على ستة أميال من صنعاء، وقيل كانوا من أهل الحبشة وكان أبوهم قد خلف لهم هذه الجنة، وكانوا من أهل الكتاب وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة فكان ما يستغل منها يرد فيها ما تحتاج إليه، ويدخر