نفسي منك حرجاً حتى أنظر إلى ما يصير أمرك ثم قالت اللهم ارحم طول ذاك النجيب والظماء في هواجر المدينة ومكة وبرهَ بأمه اللهم اني قد سلمت فيه لأمرك ورضيت فيه بقضائك فأثبني في عبد الله ثواب الشاكرين فرد عنها وقال يا أمة لا تدعي الدعاء لي قبل قتلي ولا بعده قالت لن أدعه لك فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق فخرج وهو يقول:
أبي لابن سلمى أن يعير خالداً ... ملاقى المنايا أي صرف تميماً
فلست بمبتاع الحياة بسبة ... ولا مرتق من خشية الموت سلماً
وقال لأصحابه احملوا على بركة الله وليشغل كل رجل منكم رجلاً ولا يلهينكم السؤال عني فإني في الرعيل الأول ثم حمل عليهم حتى بلغ بهم الحجون وهو يقول:
لا عهد لي بغارة مثل السيل ... لا ينقضي غبارها حتى الليل
فرماه رجل من أهل الشام بحجر على وجهه فارتعش منها فدخل شعباً من تلك الشعاب يستدمي رأته مولاة له فقالت ويا أمير المؤمنين قالوا أين هو فأشارت اليه فدخلوا فقتلوه فأما أحمد الحارث فحدثنا عن المدائني بن مسلمة بن محارب أن ابن الزبير دخل على أمه اسماء وهي عليلة فقال يا أمة كيف تجديك قالت ما أجدني إلا شاكية فقال يا أمة أن الموت لراحة فقالت يا بني لعلك تتمنى موتي فوالله ما أحب أن أموت حتى تأتي على أحد طرفيك فأما أن تظمر بعدوك فتقر عيني وأما أن تقتل فأحتسبك قال فالتفت إلى أخيه عروة وضحك فلما كان في الليلة التي قتل في صبيحتها دخل في السحر عليها فشاورها فقالت يابني لا تجبنن عن خطة تخاف على نفسك فيها القتل قال إنما أخاف أن يمثلوا بي قالت يا بني ان الشاة لا تألم السلخ بعد الذبح.
أخبرنا أحمد بن الحارث عن أبي الحسن المدائني قال أوتي هشام بن عبد الملك بجارية تعرض عليه فأعجب بها فسام صاحبها بها فأبعد عليه في السوم فقال له لأعطينك بها أعطية لم أبلغها بجارية قط لك بها عشرة اَلاف درهم فأبى وخرج بها قال وتبعتها نفس هشام وجعل لا يطيب بالزادة نفساً فاتى الابرش الكلبي مولاها فلم يزل