للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:

الله يأتي بالشمس من المشرق، فأت بها من المغرب، فلهت الذي كفر " وأنا لا أُحسنُ غير ارتجال شعر، واقتضاب خُطبة، على حُكم المُقترح والنُّصبة، فاهتزَّت من جانبيها، وحال الماء من عينيها، وهمّت بالطيران. ثم اعتراها ما يعتري الإوزَّ من الألفة وحسن الرَّجعة، فقدَّمت عنُقها ورأسها إلينا نمشي نحونا رويداً، وتنطق نطقاً مُتداركاً خفياً، وهو فعل الإوز إذا أنست واستراضت وتذلَّلت؛ على أني أحبُّ الإوزَّ وأستظرفُ حركاتِها وما يعرِضُ من سخافاتها.

ثم تكلمتُ بها مبسبساً، ولها مؤنساً، حتى خالتتنا وقد عقدنا سلمها وكُفينا حربها، فقلت: يا أم خفيف، بالذي جعل غذاءك ماء، وحشا رأسك هواء، ألا أيما أفضل: الأدبُ أم العقل؟ قالت: بل العقل. قلتُ: فهل تعرفين في الخلائق أحمق من إوزَّة، ودعيني من مثلهم في الحُبارى؟ قالت: لا قلت: فتطلبي عقل التَّجربة، إذ لا سبيل لك إلى عقل الطبيعة، فإذا أحرزت منه نصيباً، وبؤتِ منه بحظ، فحينئذٍ ناظري في الأدب. فانصرفت وانصرفنا.

تمت الرسالة بحمد لله.

<<  <