للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التوقّف، والسكوت انتهى كلام صاحب "المرعاة" (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي الأولى، والأسلم الوقوف مع النصوص الصحيحة، كحديث الباب، وحديث مسلم المذكور: "إن أبي وأباك في النار"، مع عدم التوسع والخوض بزيادة ما ليس في النصوص، وأما تصحيح حديث إحياء أبوي النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كما قال ابن حجر الهيتميّ فمما لا يُلتفت إليه، فإن جلّ الحفّاظ من المحدثين على أنه موضوع، كما أشرت إليه فيما تقدّم.

ثم إن هذه المسألة ما رأيت للمتقدّمين فيها كلاما، بل إنما أثارها، وتنازع فيها، وخاض غَمْرَتهَا المتأخرون، من أمثال السيوطي، ومن سار على دَرْبه فما وَسِع الأولين من السكوت، وعدم الخوض، وترك التنازع، والتخاصم هو الصواب لمن كان حريصًا على دينه، فلو كان في هذا الخوض خير لكان المتقدّمون أسبق إليه، وأحرص من المتأخرين عليه، فسلوك سبيلهم فيه السلامة في الدنيا والآخرة، فالواجب الوقوف على ما صحّ عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وعدم التوسّع، ونصبِ الخلاف فيما وراءه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

١٠٢ - النَّهْيُ عَنِ الاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ

٢٠٣٥ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -وَهُوَ ابْنُ ثَوْرٍ- عَنْ مَعْمَرٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, عَنْ أَبِيهِ, قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ, دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ, وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ, فَقَالَ: أَيْ عَمِّ, قُلْ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ, كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا, عِنْدَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ, وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ, أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ, فَلَمْ يَزَالَا يُكَلِّمَانِهِ, حَتَّى كَانَ آخِرُ شَيْءٍ, كَلَّمَهُمْ بِهِ, عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ, فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ, مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ, فَنَزَلَتْ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ١١٣] وَنَزَلَتْ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: ٥٦].


(١) - "المرعاة" ج ٥ ص ٥١٢ - ٥١٣.