للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الاستثناء للجميع؛ لأنه إذا رأى المصدّق أن الأصلح للفقراء أخذ الهرمة، أو ذات العوار، أو التيس، حيث إن قيمتها أكثر من قيمة غيرها، كانت بمنزلة السليم، بل أفضل منه، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

(وَلَا يُجْمَعُ) -بضمّ أوله، وفتح ثالثه، على البناء للمفعول، أي لا يجوز للمالك، ولا للمصدّق أن يجمع (بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ) بتقديم التاء على الفاء، من التفرّق. وفي رواية "مفترق" بتقديم الفاء على التاء، من الافتراق (وَلَا يُفَرَّقُ) -بضم أوله، وفتح ثالثه (١) مشدّدًا، أو مخففًا، على البناء للمفعول أيضًا، أي لا يجوز للمالك، ولا للمصدّق أن يفرق (بَيْنَ مُجْتَمِعٍ) بصيغة اسم الفاعل (خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ) بالنصب على أنه مفعول لأجله، متعلق بالفعلين على سبيل التنازع. ويحتمل أن يتعلّق بفعل مقدّر، يعمّ الفعلين، أي لا يفعل شيئًا من ذلك خشية الصدقة، أي خشية وجوب الصدقة، أو كثرتها، هذا إن عاد الكلام إلى المالك، أو خشية سقوط الصدقة، أو قلّتها، إن عاد إلى المصدّق، فالنهي للمالك والساعي كليهما، فالخشية خشيتان:

إحداهما: خشية المالك أن تجب الصدقة، أو تكثر، فيجمع، أو يفرّق:

مثال جمعه خشية كثرة الصدقة: أن يكون لرجل أربعون شاة، فجمعها، وخلطها بأربعين لغيره عند حضور المصدق؛ فرارًا عن لزوم الشاة إلى نصفها. أو يكونوا ثلاثة، لكلّ واحد منهم أربعون شاة متفرّقة، فجمعوها عند قدوم الساعي بعد الحول، حتى تجب عليهم شاة واحدة.

ومثال تفريقه خشية وجوب الصدقة، أن يكون له عشرون شاة مخلوطة بمثلها لغيره، ففرقها لئلا يكون نصابًا، فتجبَ عليه شاة. أو يكون لرجلين أو رجال أربعون شاةً مختلطةً، ففرقوها عند قدوم الساعي، حتى لا تجب عليهم زكاة أصلاً.

ومثال تفريقه خشية كثرتها أن يكون لرجل مائة شاة، وشاة مخلوطة بمثلها لغيره، فيكون عند الاجتماع والخلط ثلاث شياه، ففرقا مالهما؛ لتقلّ الصدقة، ويكون على كلّ واحد شاة واحدة فقط. ونهوا عن ذلك لأنه هُرُوب عن الحقّ الواجب، وإجحاف بالفقير.

والثاني: خشية الساعي أن تسقط الصدقة، أو تَقِل، فيجمع، أو يفرّقّ:

مثال جمعه خشية سقوط الصدقة: أن يكون رجلان لهما أربعون شاة متفرقة، فجمعها المصدّق، وخلطها حتى تجب فيها شاة.


(١) - لم يتعرض لثانيه، مع أنه يختلف في الحالين، فمع تشديد الثالث يفتح، ومع تخفيفه يُسَكَّنُ، فليُتنبّه.