للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومثال جمعه خشية أن تقلّ أن يكون لكلّ واحد منهما مائة وعشرون، فجمع بينهما ليأخذ ثلاث شياه، بدل شاتين.

ومثال تفريقه خشية قلّة الصدقة: أن يكون لثلاثةِ خُلَطاءَ مائة وعشرون شاة، وواجبها شاة واحدة، ففرقها الساعي أربعين أربعين، ليكون فيها ثلاث شياه.

ومحلّ النهي عن الجمع والتفريق خشية الصدقة في الجنس الواحد، ومن الجنس الواحد الضأن والمعز، والبقر والجاموس، والبخت والعراب من الإبل -والبخت هو المتولّد بين عربيّ وعجميّ- فلا يدخل في النهي ما اختلف جنسه، فمن كان عنده دون نصاب من البقر، ودون نصاب من الغنم مثلاً، لا يضمّ بعضه إلى بعض اتفاقًا كي يصير نصابًا تجب فيه الزكاة.

ومحلّ النهي المذكور أيضًا إذا تعدد المالك، وأما إذا اتحد المالك، وكان له ماشية ببلد لا تبلغ نصابًا، وله بأخرى ما يكمله من جنس تلك الماشية، فإنه يضمّ بعضها إلى بعض. وكذا من له نصاب في جهة، وآخر في جهة أخرى، فإنه يضمّ بعضه إلى بعض أيضًا، ولا يضرّ اختلاف الأمكنة.

وقد ذهب إلى ذلك الجمهور، ووافقهم أحمد فيما إذا كانت ماشية الرجل المتفرقة دون مسافة القصر، وأما إذا كانت بينهما مسافة القصر، فما فوقُ فلا يجمع بينها وينزل كلّ منها منزلة مال مستقلّ، فما بلغ منها نصابًا زكّاه، وإلا فلا.

قال ابن المنذر: لا أعلم هذا القول عن غير أحمد. انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذهب إليه الجمهور هو الراجح عندي؛ لظواهر النصوص الواردة في وجوب الزكاة، حيث إنها علّقت الوجوب بالملك، لا باتحاد المحلّ. واللَّه تعالى أعلم.

ويؤخذ من عموم النهي في الحديث أن من كان عنده دون النصاب من الفضّة، ودون النصاب من الذهب لا يضمّ بعضه إلى بعض، وعلى ذلك أكثر العلماء.

وقالت الحنفيّة، والمالكيّة: يُضم بعضه إلى بعض؛ ليصير نصابًا كاملاً، فتجب فيه الزكاة، وحملوا النهي في الحديث على الماشية (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذهب إليه أكثر العلماء هو الراجح؛ لموافقته لحديث الباب. واللَّه تعالى أعلم.

(وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بالسَّوِيَّةِ) "ما" هنا نكرة تامّة، متضمّنة


(١) - راجع "المنهل العذب" ج ٩ ص ١٤٨ - ١٤٩.