(حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ، وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ) قال النوويّ: هو -بضمّ العين، وفتح السين، تصغير عَسَلَة-، وهي كناية عن الجماع، شبه لذّته بلذّة العسل، وحلاوته، قالوا: وأنّث العسيلة؛ لأن في العسل نعتين: التذكير والتأنيث. وقيل: أنّثها على إرادة النطفة، وهذا ضعيف؛ لأن الإنزال لا يشترط انتهى (١).
وقال الفيّوميّ: وهذه استعارة لطيفة، فإنه شبّه لذّة الجماع بحلاوة العسل، أو سمّى الجماعَ عسَلًا؛ لأن العرب تُسمّي كلَّ ما تستحليه عَسَلًا، وأشار بالتصغير إلى تقليل القدر الذي لا بُد منه في حصول الاكتفاء به، قال العلماء: وهو تغييب الحَشَفَة؛ لأنه مظِنّةُ اللّذّة. انتهى.
وقال في "الفتح": كذا في الموضعين بالتصغير، واختُلف في توجيهه، فقيل: هي تصغير العسل؛ لأن العسل مؤنّثٌ، جزم به القزّاز، ثم قال: وأحسب التذكير لغة. وقال الأزهريّ: يُذكّر، ويؤنّث. وقيل: لأن العرب إذا حقّرت الشيءَ أدخلت فيه هاء التأنيث، ومن ذلك قولهم: دُريهمات، فجمعوا الدرهم جمعَ المؤنّث عند إرادة الحقير، وقالوا أيضًا في تصغير هند هُنيدة. وقيل: التأنيث باعتبار الوطأة إشارة إلى أنها تكفي في المقصود من تحليلها للزوج الأول. وقيل: المراد قطعة من العسل، والتصغير للتقليل إشارة إلى أن القدر القليل كافٍ في تحصيل الحلّ. قال الأزهريّ: الصواب أن معنى الْعُسَيلة حلاوة الجماع الذي يحصل بتغييب الحشفة في الفرج، وأنّث تشبيهًا بقطعهّ من عسل. وقال الداوديّ: صُغّرت لشدّة شبهها بالعسل. وقال أبو عبيد: العسيلة لذّة الجماع، والعرب تُسمّي كلّ شيء تستلذّه عَسَلًا.
وقال الجوهريّ: صُغّرت العسلة بالهاء؛ لأن الغالب في العسل التأنيث، قال: ويقال: إنما أنّث لأنه أريد به العسلة، وهي القطعة منه، كما يقال للقطعة من الذهب: ذَهَبَة انتهى.
وقيل: معنى العُسَيلة النطفة. وهذا يوافق قول الحسن البصريّ القائل باشتراط حصول الإنزال في صحّة التحليل، وخالف بذلك جمهور العلماء، فإنهم جعلوا الشرط إدخال الحشفة في الفرج فقط، وهو الحقّ، فقد جاء تفسير العُسَلية بالجماع مرفوعًا، أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، ولفظه:
حدثنا مروان، قال: أخبرنا أبو عبد الملك المكي، قال: حدثنا عبد اللَّه بن أبي مليكة، عن عائشة، أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - قال:"الْعُسيلة هي الجماع".
ورجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير، أبي عبد الملك، وهو إسماعيل بن عبد الملك بن الصُّغير، قال ابن معين في رواية: ليس به بأس، وقال البخاريّ، وابن