صاحب مالك.
وقوله: "الإنسيّة" -بكسر الهمزة، فسكون النون-: نسبة إلى الإنس، وهم بنو آدم، أو -بضمّ، فسكون-: نسبة إلى الأُنس، صدّ الوحشة، أو -بفتحتين-: نسبة إلى الأَنَسَة بمعنى الأُنْس أيضًا، والمراد هي التي تَأْلَفُ البيوت.
قال ابن الأثير: "الحمر الإنسيّة": هي التي تألف البيوت، والمشهور فيها كسر الهمزة، منسوبة إلى الإنس، وهم بنو آدم، الواحد إنسيٌّ. وفي كتاب أبي موسى ما يدلّ على أن الهمزة مضمومة، فإنه قال: هي التي تألف البيوت، والأُنسُ صدّ الوحشة، والمشهور في ضدّ الوحشة الأُنسُ بالضمّ، وقد جاء فيه الكسر قليلًا. قال: ورواه بعضهم بفتح الهمزة والنون، وليس بشيء. قال ابن الأثير: إن أراد أن الفتح غير معروف في الرواية، فيجوز، وإن أراد أنه ليس بمعروف في اللغة فلا، فإنه مصدرُ أنِستُ به آنَسُ أَنَسًا، وأَنَسَةٌ انتهى كلام ابن الأثير (١).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم شرحه، وبيان مسائله في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٣٦٨ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, قَالُوا: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ, قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ, يَقُولُ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ, أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ, أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَالْحَسَنَ ابْنَىْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَخْبَرَاهُ, أَنَّ أَبَاهُمَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُمَا, أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رضي اللَّه عنه -, قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ, عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ".
قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: "يَوْمَ حُنَيْنٍ", وَقَالَ: هَكَذَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ مِنْ كِتَابِهِ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وقد تقدّموا غير مرّة.
و"عمرو بن عليّ": هو الفلاّس. و"عبد الوهاب": هو ابن عبد المجيد الثقفيّ
البصريّ، ثقة تغيّر قبل موته [٨]. و"يحيى بن سعيد": هو الأنصاريّ المدنيّ الثقة
الثبت [٥].
ومن لطائف هذا الإسناد أن مشايخه الثلاثة، قد اتفق الستة بالرواية عنهم بلا واسطة، كما تقدّم غير مرّة، وفيه رواية الأكابر عن الأصاغر، فإن يحيى بن سعيد من الطبقة الخامسة، من شيوخ مالك، وهو من السابعة، ففيه رواية تابعيّ، عن تابع التابعين.
وقوله: "قال ابن المثنّى الخ" أشار به إلى ما تقدم من أن رواة الزهريّ اتفقوا على
(١) "النهاية" ١/ ٧٤ - ٧٥.