للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورواته كلهم عدولا ضابطين فقد انتفت عنه العلل الظاهرة ثم إذا انتفى كونه معلولا فما المانع من الحكم بصحته؟ فمجرد مخالفة أحد رواته لمن هو أوثق منه، أو أكثر عددا، لا يستلزم الضعف، بل يكون من باب صحيح وأصح. قال: ولم أر مع ذلك من أحد من أئمة الحديث اشتراط نفي الشذوذ المعبر عنه بالمخالفة وإنما الموجود من تصرفاتهم تقديم بعض ذلك على بعض في الصحة.

وقال الإمام النووي في بحث الشاذ فإن لم يخالف الراوي بتفرده غيره وإنما روى أمرًا لم يروه غيره، فإن كان عدلا حافظا موثوقا بضبطه كان تفرده صحيحا وإن لم يوثق بحفظه، ولم يبعد عن درجة الضابط كان ما انفرد به حسنا، وإن بَعْدُ كان شاذًا منكرًا مردودًا. اهـ.

وبه يعلم أن الشذوذ ليس علة قادحة في صحة المروي، بل هي على هذا التفصيل، وإن كان عدلا، حافظا موثوقا بضبطه، كان تفرده صحيحًا.

وممن اعترض جعل الشذوذ قادحا في صحة الحديث الإمام ابن دقيق العيد، فقد قال العراقي: أما السلامة من الشذوذ والعلة فقال ابن دقيق العيد في الاقتراح: إن أصحاب الحديث زادوا ذلك في حد الصحيح، قال وفيه نظر على مقتضى نظر الفقهاء، فإن كثيرا من العلل التي يعلل بها المحدثون لا تجري على أصول الفقهاء، وقال ابن الصلاح: وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث لاختلافهم في وجود هذه الأوصاف فيه، أو لاختلافهم في اشتراط بعضها. اهـ.

فأفاد أن اشتراط السلامة من الشذوذ ليس بمتفق عليه، بل هو مختلف فيه، ولذا حدّ الإمام الخطابي الصحيح بأنه: ما اتصل سنده وعدلت نقلته. قال العراقي: فلم يشترط ضبط الراوي، ولا السلامة من الشذوذ والعلة.