للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مطلقا، ولذا قال البخاري ما أدخلت في كتابي إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحالة الطول، وكذا قال مسلم: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هنا، إنما وضعت ما أجمعوا عليه، ولذا قال النووي في التقريب: ولم يستوعبا الصحيح، ولا التزماه. على أن ظاهر كلامهما أنهما تركا ما صح من جهة السند أيضا الذي هو وجهة المحدث خيفة الطول، فأحرى أن يكونا تركا ما صح لغير السند، وهو الصحيح لغيره وذلك لأن الصحيح لغيره ليس له قاعدة مطردة، وإنما هو أمر يعرفه سديد الرسوخ في الأصول والفروع، النَّهم بدرس الهدي النبوي، ومعرفة سر التشريع، ودرك حقيقة الفقه في الدين.

وقد كان بعض المحققين يسمي هذه الطريقة بطريقة (قبول الأخبار) بالاستدلال ليعادل ما بحثه الأصوليون في مسألة (رد الخبر بالاستدلال) كما تراه مبسوطا في المسودة وغيرها من مطولات الأصول، وعبارة المسودة: مما يرجح فيه الخبر، ويقدم أن يعتضد بعموم كتاب، أو سنة، أو قياس، أو معنى عقلي.

وقد ذهب كثير من أئمة الأصول إلى أن الحديث المتلقى بالقبول يفيد العلم، والحديث الذي عضده عمل الصحابة وكذا ما اختلفوا فيه بين أخذ به ومؤول، وما يوافق مشروعا موافقة تصحح المشابهة بينهما، كما تراه في جمع الجوامع وغيره، ومطولات مصطلح الحديث.

إذا تقرر هذا فحديث الجوربين مما تُلُقِّيَ بالقبول، وعضده عمل الصحب عليهم رضوان الله، ووافق آية {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: ٦] على قراءة الجر والنصب إذا رجعت إليه، ويندرج تحت قاعدة رفع الحرج، ويوافق مسح الخف، وجميع هذه مما يصحح المروي أيما تصحيح.