للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبالجملة فقد اجتمع في حديث الجوربين الصحتان معا: صحته من حيث السند، كما صرح به الترمذي، وابن حبان، وكما حققناه من درء الشذوذ المزعوم فيه، وصحته من غير السند، وهي الأمور التي سردت الآن، ومتى صح الحديث فليس إلا السمع والطاعة.

وأما قول الإمام النووي: إنه لو صح يحمل على الذي يمكن متابعة المشي عليه جمعا بين الأدلة، فمطلوب البيان من جهة الجورب، فأين الدليل على اشتراط أن يمكن تتابع المشي عليه فيه؟ ومعلوم أن الجورب غير الخف، ولكل حكمه، وإذا أطلق الدليل في الأصول فلا ينصرف إلا إلى الكتاب والسنة وما رجع إليهما، ولا تعارض إلَّا بين دليلين متكافئين، وهناك يتلمس الجمع وإلا فإن المدار على الأقوى فالأقوى اتفاقا، وليس في الباب إلا إطلاق الجوربين وعموم التساخين في حديثهما.

وأما قوله: وليس في اللفظ عموم يتعلق به، فيقال فيه: هذا إشارة إلى ما ذكر في الأصول من أن الفعل المثبت لا عموم له، فحكايته لا تقتضي العموم لا للأقسام، ولا لجهات الوضع، ولا للأزمان. إلا أن

هذا على مذهب من لم يقل بعموم المشترك، ولا بعموم جهات الوضع فأما من ذهب إلى العموم فيهما فقد ذهب إلى العموم فيه. كذلك قيد المحققون دعوى العموم فيه بما إذا لم يوجد في ظاهر اللفظ دليل العموم كلام الاستغراق "كالجوربين" و"التساخين" فإنه يفيد العموم، ودليلهم أن المحكي عنه - صلى الله عليه وسلم - واقع على صفة معينة فيكون في معنى المشترك، فإن رجح بعض الوجوه فذاك، وإن ثبت التساوي فالبعض بفعله، والباقي بالقياس عليه.

وقد اعترض بأن فعله - صلى الله عليه وسلم - إنما وقع بحال معين. وأجيب بعدم التسليم لجواز أن تتعدد جهات وقوع الفعل كما أوضحه العلامة الفناري في