الذين يقتلونهم على لسان محمد - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، قال عَبيدة: قلت لعليّ: أنت سعته؟ قال: إي وربّ الكعبة ثلاثًا"، وله في رواية زيد بن وهب قصّة قتل الخوارج: "أن عليًّا لَمّا قتدهم، قال: صدق اللَّه، وبلّغ رسوله - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم، فقام إليه عَبيدة، فقال: يا أمير المؤمنين اللَّه الذي لا إله إلا هو، فقد سمعتَ هذا من رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -؟ قال: إي واللَّه الذي لا إله إلا هو، حتّى استحلفه ثلاثًا".
قال النوويّ: إنما استحلفه ليؤكّد الأمر عند السامعين، ولتظهر معجزة النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، وأن عليًّا، ومن معه على الحقّ. وقال الحافظ: وليطمئنّ قلب المستحلف لإزالة توهّم ما أشار إليه عليّ أن الحرب خدعة، فخشي أن يكون لم يسمع في ذلك شيئًا منصوصًا، وإلى ذلك يُشير قول عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - لعبد اللَّه بن شدّاد: "ما قال عدي حيئذ؟، قال: سمعته يقول: صدق اللَّه ورسوله، قالت: رحم اللَّه عليًّا، إنه كان لا يرى شيئًا يُعجبه، إلا قال: صدق اللَّه ورسوله، فيذهب أهل العراق، فيكذبون عليه، ويزيدونه". فمن هذا أراد عَبيدة بن عمرو التثبّت في هذه القصّة بخصوصها، وأن فيها نقلاً منصوصًا، مرفوعًا.
وأخرج أحمد نحو هذا الحديث عن عليّ - رضي اللَّه تعالى عنه -، وزاد في آخره: "قتالهم حقّ على كلّ مسلم". ووقع سبب تحديث عدي - رضي اللَّه تعالى عنه - بهذا الحديث في رواية عُبيد اللَّه بن أبي رافع، فيما أخرجه مسلم من رواية بُسْر بن سعيد، عنه، قال: "أن الحروريّة لَمّا خرجت، وهو مع عليّ، قالوا: لا حكم إلا للَّه تعالى، فقال عليّ: كلمة حقّ أريد بها باطلٌ، إن رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - وَصَفَ ناسًا، إني لأعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحقّ بألسنتهم، ولا يُجاوز هذا منهم، وأشار إلى حلقه، من أبغض خدق اللَّه إليه". الحديث (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عليّ - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٢٦/ ٤١٠٤ - وفي "الكبرى" ٢٦/ ٣٥٦٣. وأخرجه (خ) في "المناقب"