للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تقديم نفسه عَلَى غيره فِي الإنفاق ونحوه، لأن ذلك بأمر الله سبحانه وتعالى له بذلك (وَأَنْ تُوقَدَ نَارٌ عَظِيمَةٌ، فَيَقَعُ فِيهَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا) قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: ظاهره أنه مبتدأ، خبره "أحبّ إليه"، لكن عدّ الجملة منْ الخصال غير مستقيم، فالوجه أن يقدّر "أن يكون"، ويُجعل "أن يوقد" اسما له، و"أحبّ" بالنصب خبرًا: أي وأن يكون إيقاد نار عظيمة، فوقوعه فيها أحبّ إليه منْ الشرك: أي يصير الشرك عنده لقوّة اعتقاده بجزائه الذي هو النار المؤبّد بمنزلة جزائه فِي الكراهة، والنفرة عنه، فكما أنه لو خُيّر بين نار الآخرة، ونار الدنيا، لاختار نار الدنيا، كذلك لو خيّر بين الشرك، ونار الدنيا، لاختار نار الدنيا، ومرجع هَذَا أن يصير الغيب عنده منْ قوّة الاعتقاد كالعيان، كما رُوي عن عليّ -رضي الله عنه-: "لو كُشف الغطاء ما ازددت يقينًا". ولا يخفى أن منْ تكون عقيدته منْ القوّة بهذا الوجه، ومحبّة الله تعالى بذلك الوجه، فهو حقيق بأن يجد منْ لذّة الإيمان ما يجد. والله تعالى أعلم. انتهى كلام السنديّ رحمه الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هَذَا صحيح، وهو منْ أفراد المصنّف رحمه الله تعالى، أخرجه هنا -٢/ ٤٩٨٩ - . وفوائده ستأتي قريبًا، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

٣ - (حَلَاوَةُ الإِيْمَانِ)

٤٩٩٠ - (أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رضى الله عنه، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ أَحَبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ كَانَ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ، مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ، بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ").

رجال هَذَا الإسناد: خمسة:

١ - (سُويد بن نصر) المروزيّ، راوية ابن المبارك، ثقة [١٠] ٤٥/ ٥٥.