للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و١٠٥٥٦. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان أن الدين يسر. (ومنها): الحضّ عَلَى الرفق فِي العمل، والاقتصاد فيه، وترك حمل النفس عَلَى المشقّة؛ لأن الله تعالى أوجب عليها وظائف منْ الطاعات، فِي وقت دون وقت، تيسرًا منه، ورحمة. (ومنها): التنبيه عَلَى أوقات النشاط؛ لأن الغَدْوة، والروحة، والدلجة أفضل أوقات المسافر؛ لأنها أوقات نشاطه، بل عَلَى الحقيقة الدنيا دار نُقلة، وطريقٌ إلى الآخرة، فنبه -صلى الله عليه وسلم- أمته أن يغتنموا أوقات فُرَصهم، وفراغهم.

(ومنها): ما قاله ابن الْمُنَيِّر رحمه الله تعالى: فِي هَذَا الْحَدِيث عَلَمٌ منْ أعلام النبوة، فقد رأينا ورَأى الناسُ قبلنا أن كل مُتَنَطِّع فِي الدين ينقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل فِي العبادة، فإنه منْ الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال، أو المبالغة فِي التطوع، المفضي إلى ترك الأفضل، أو إخراج الفرض عن وقته، كمن بات يصلي الليل كله، ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه، فِي آخر الليل، فنام عن صلاة الصبح فِي الجماعة، أو إلى أن خرج الوقت المختار، أو إلى أن طلعت الشمس، فخرج وقت الفريضة، وفي حديث مِحْجَن بن الأردع -رضي الله عنه- عند أحمد: "إنكم لن تنالوا هَذَا الأمر بالمبالغة، وخير دينكم اليسرة".

(ومنها): أن فيه الإشارةَ إلى الأخذ بالرخصة الشرعية، فإن الأخذ بالعزيمة فِي موضع الرخصة قد يكون تَنَطُّعاً، كمن يترك التيمم عند العجز عن استعمال الماء، فيفضي به استعماله إلى حصول الضرر. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

٢٩ - (أَحَبِّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: أي هَذَا باب ذكر الْحَدِيث الدّالّ عَلَى أحب الدين إلى الله تعالى، وهو ما داوم عليه صاحبه. وَقَدْ ترجم الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى