للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجوزقاني، فَقَالَ باطل، فالواجب البقاء عَلَى البراءة الأصلية، المعتضدة بأفعاله الثابتة فِي "الصحيح"، لاسيما مع ثبوت لبسه لذلك، بعد حجة الوداع، ولم يلبث بعدها إلا أياما يسيرة.

وَقَدْ زعم ابن القيم أن الحلة الحمراء، بردان يمانيان، منسوجان بخطوط حمر، مع الأسود، وغَلَّط منْ قَالَ: إنها كانت حمراء بحتا، قَالَ: وهي معروفة بهذا الاسم. ولا يخفاك أن الصحابيّ قد وصفها بأنها حمراء، وهو منْ أهل اللسان، والواجب الحمل عَلَى المعنى الحقيقي، وهو الحمراء البحت -والمصير إلى المجاز، أعني كون بعضها أحمر دون بعض- لا يحمل ذلك الوصف عليه، إلا لموجب، فإن أراد أن ذلك معنى الحلة الحمراء لغة، فليس فِي كتب اللغة ما يشهد لذلك، وإن أراد أن ذلك حقيقة شرعية فيها، فالحقائق الشرعية لا تثبت بمجرد الدعوى، والواجب حمل مقالة ذلك الصحابيّ عَلَى لغة العرب؛ لأنها لسانه ولسان قومه. فإن قَالَ: إنما فسرها بذلك التفسير؛ للجمع بين الأدلة، فمع كون كلامه آبيا عن ذلك؛ لتصريحه بتغليط منْ قَالَ: إنها الحمراء البحت، لا مُلجىء إليه، لإمكان الجمع بدونه كما ذكرنا، مع أن حمله الحلة الحمراء عَلَى ما ذكر، ينافي ما احتج به فِي أثناء كلامه، منْ إنكاره عَلَى القوم الذين رأى عَلَى رواحلهم أكسية فيها خطوط حمر، وفيه دليل عَلَى كراهية ما فيه الخطوط، وتلك الحلة كذلك بتأويله. انتهى "نيل الأوطار" ٢/ ١٨٤ - ١٨٦.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الأرجح عندي ما ذهب إليه الشافعيّة، والمالكيّة، وبعض أهل العلم منْ جواز لبس الأحمر، إلا ما ورد النصّ الصحيح بتحريمه، كالميثرة الحمراء، فيحرم، وأما غير ما ورد به النصّ، فجائزٌ لبسه، للأحاديث الصحيحة الكثيرة منْ كونه -صلى الله عليه وسلم- لبس الحلة الحمراء، والأحاديث التي أوردها المانعون لا تصحّ، كما سبق لك بيان ذلك، وعلى تقدير صحّتها، فيُحمل النهي فيها عَلَى التنزيه؛ جمعًا بين الأدلّة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

٩٤ - (لُبْسُ الْحِبَرَةِ)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "الْحِبرَةَ" -بكسر الحاء المهملة، وفتح الموحّدة، بوزن عِنَبَة-: ثوبٌ يمانيّ، منْ قطن، أو كتّان، مُخطّطٌ، يقال: بردٌ حِبَرٌ، عَلَى