للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عمر الذي رووه كَانَ إنكارا لمنكر رآه، لا حكمٌ، بدليل أنه ما وُجدت منهما دعوى وإنكار بشروطهما، ودليل ذلك ما رويناه عنه، ثم لو كَانَ حكما كَانَ معارضا بما رويناه عنه، ويفارق الحكم بالشاهدين، فإنه لا يفضي إلى تهمة، بخلاف مسألتنا، وأما الجرح والتعديل، فإنه يحكم فيه بعلمه بغير خلاف؛ لأنه لو لم يحكم فيه بعلمه لتسلسل، فإن المزكيين يحتاج إلى معرفة عدالتهما وجرحهما، فإذا لم يعمل بعلمه احتاج كل واحد منهما إلى مزكيين، ثم كل واحد منهما يحتاج إلى مزكيين، فيتسلسل، وما نحن فيه بخلافه. انتهى "المغني" ١٤/ ٣١ - ٣٣.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول بعدم جواز حكم الحاكم بعلمه هو الحقّ؛ لقوّة حجته، ومما يقوّي القول به أن فيه دفع التهمة عنه، وسدّ باب الشرّ فِي وجوه الحكّام السوء؛ كيلا يتسلّطون عَلَى حقوق النَّاس بدعوى أنهم يحكمون بعلمهم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

١٥ - (السَعَةُ لِلْحَاكِمِ فِي أَنْ يَقُولَ لِلشَّيْءِ الَّذِي لَا يَفْعَلُهُ: أَفْعَلُ؛ لِيَسْتَبِينَ الْحَقَّ)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: محلّ استدلال المصنّف رحمه الله تعالى منْ الْحَدِيث قول سليمان -عليه السلام-: "أشُقّ الغلام بينهما"، فإنه ما قَالَ ذلك ليفعله، وإنما ليعرف الأم الحقيقيّة، حيث إن شفقتها ستحملها عَلَى عدم شقّه؛ بخلاف الأخرى، وكان الأمر كما أراده، فدلّ عَلَى أن للحاكم أن يستعمل الحيل فِي استخراج الحقّ بالتهديد، والتخويف، وإن لم يفعل ذلك، وهذا كما تقدّم يعتمد عَلَى الفهم، والفطنة، فقد يصل الفطن بلطيف فطنته إلى ما لا يصب إليه الغبيّ بتكلّفه، وتهوّره، وذلك موهبة منْ الله تعالى، {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة: ١٠٥]. والله تعالى أعلم بالصواب.

٤٥٠٥ - (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ