للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من جهة المبالغة في ذم من تخلف عنها.

قال الطيبي: خروج المؤمن من هذا الوعيد ليس من جهة أنهم إذا سمعوا النداء جاز لهم التخلف عن الجماعة، بل من جهة أن التخلف ليس من شأنهم، بل هو من صفات المنافقين، ويدل عليه قول ابن مسعود رضي الله عنه: "لقد رأيتنا، وما يتخلف عن الجماعة إلا منافق". رواه مسلم. انتهى كلامه.

وروى ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور بإسناد صحيح عن أبي عمير ابن أنس، حدثني عمومتي من الأنصار، قالوا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يشهدهما منافق" يعني العشاء والفجر. ولا يقال: فهذا يدل على ما ذهب إليه صاحب هذا الوجه لانتفاء أن يكون المؤمن قد يتخلف، وإنما ورد الوعيد في حق من تخلف؛ لأني أقول: بل هذا يقوي ما ظهر لي أولاً، أن المراد بالنفاق: نفاق المعصية، لا نفاق الكفر، فعلى هذا الذي خرج هو المؤمن الكامل، لا العاصي الذي يجوز إطلاق المنافق عليه مجازًا، لما دل عليه مجموع الأحاديث.

ومنها:-وهو تاسعها-: ما ادعاه بعضهم أن فرض الجماعة كانت في أول الإِسلام لأجل سدّ باب التخلف عن الصلاة على المنافقين، ثم نسخ. حكاه عياض، ويمكن أن يتقوى بثبوت نسخ الوعيد المذكور في حقهم، وهو التحريق بالنار، وكذا ثبوت نسخ ما تضمنه التحريق من جواز العقوبة بالمال، ويدلّ على النسخ الأحاديث الواردة في تفضيل