للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- سنن الوضوء (السنة طريقة مسلوكة في الدين، وهي قسمان: ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم وما واظب عليه الصحابة)

-١- السواك: لحديث أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) ٠ البخاري ج ٢ / كتاب الصوم باب ٢٧)

-٢- وضع الإناء عن اليمين إذا كان واسعاً لكي يغترف باليمين، ووضعه على اليسار إذا كان صغيراً لكي يصب باليسار على اليمين، فإن استعان بغيره استحب للصاب أن يقف على يساره لأنه أمكن وأعون وأحسن في الأدب

-٣- استقبال القبلة: لأن الوضوء وإن كان وسيلة إلا أنه عبادة. ويسن له تخير مكان لا يرجع رشاش الماء إليه فيه.

-٤- التلفظ بالنية، واستصحابها، بمعنى استحضارها في القلب خلال الوضوء كله.

-٥- التسمية: لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه) (أبو داود ج ١ / كتاب الطهارة باب ٤٨/ ١٠١)

زمنها: تقرن التسمية بنية سنن الوضوء مع أول غسل الكفين، فإن ترك التسمية في أوله ولو عمداً أتى بها قبل فراغه، فيقول باسم الله على أوله وآخره (وذلك كما في الأكل والشرب) حتى لا يخلو الوضوء من اسم الله عز وجل، فإذا لم يسم حتى فرغ من الوضوء، لم يسم لفوات محلها.

-٦- غسل الكفين في ابتداء الوضوء، لأنهما آلة التطهير فيبدأ بتطهيرهما أولاً، ولحديث ابن أوس بن أبي أوس عن جده قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استوكف ثلاثاً" (النسائي ج ١ / ص ٦٤، واستوكف: أي استقطر الماء وصبه على يديه ثلاث مرات وبالغ حتى وكف منهما أي قطر منهما)

وتتأكد هذه السنة عند الاستيقاظ من النوم، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده) (مسلم ج ١ / كتاب الطهارة باب ٢٦/ ٨٧) قال الشافعي: "وأحب لكل من استيقظ من نومه، قائلة كانت أو غيرها ألا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها، فإن أدخل يده قبل أن يغسلها كرهت ذلك له، ولم يفسد ذلك الماء إذا لم يكن على يده نجاسة (الترمذي ج ١ / أبواب الطهارة باب ١٩) وبناء عليه إذا شك في نجاستهما كره له غمسهما في الماء القليل، أو بأي مائع آخر قبل غسلهما، سواء كان قائماً من نوم أم لا، وإذا تيقن طهرهما فغسلهما له سنة، وأما إذا تيقن نجاستهما فيجب عليه غسلهما قبل غمسهما في الماء

-٧- المضمضة والاستنشاق، لحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: "قيل له توضأ لنا وضوء رسول الله رضي الله عنه فدعا بإناء فأكفأ منها على يديه فغسلهما ثلاثاً، ثم أدخل يده فاستخرجها فمضمض واستنشق من كف (الكف تذكر وتؤنث) واحدة ففعل ذلك ثلاثاً" (مسلم ج ١ / كتاب الطهارة باب ٧/١٨)

وتتم السنة بأن تكون المضمضة أولاً ثم الاستنشاق، وبإدخال الماء إلى الفم، سواء أداره فيه ومجه أم لا، فإن أراد الأكمل مجه، ويكون الاستنشاق بإدخال الماء إلا الأنف سواء جذبه بنفسه إلى خياشيمه ونثره أم لا. فإن أراده الأكمل نثره، لحديث أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من توضأ فليستنثر) (البخاري ج ١ كتاب الوضوء باب ٢٤/١٥٩) والأفضل الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة وذلك ثلاث مرات بثلاث غرفات، لحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه المتقدم وتسن المبالغة فيهما لحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه أنه قال: "فقلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء فقال: (أسبغ الوضوء، وخلل الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) " (أبو داود ج ١ / كتاب الطهارة باب ٥٥/ ١٤٢) ويسن أن يغترف الماء للمضمضة والاستنشاق باليمنى وأن يستنثر باليسرى، لحديث علي رضي الله عنه في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم " فأدخل يده اليمنى في الإناء فملأ فمه فتمضمض واستنشق واستنثر بيده اليسرى، ففعل ذلك ثلاثاً" (البيهقي ج ١ ص ٤٨)

-٨- البداءة بأعلى الوجه، والبداءه بالأصابع من اليد والرجل، فإن صب له غيره بدأ بالمرفق والكعب

-٩- تعاهد الماقين (الماق هو المؤق وجمعه آماق ومآق: وهو مجرى الدمع من العين أو هو مقدمها أو مؤخرها) من كل عين، وغيرهما من غضون الوجه، بزيادة ما، لحديث أبي أمامة رضي الله عنه، وذكر وضوء النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح المأقين" (أبو داود ج ١ / كتاب الطهارة باب ٥٠ / ١٣٤) أما غسل داخل العين فليس بمسنون، لأنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه يؤدي إلى الضرر

-١٠ - إطالة الغرة (بياض في الجبهة) والتحجيل (بياض في قوائم الفرس كلها) وتكون إطالة الغرة بأن يغسل فوق الوجه جزءاً من الرأس وجزءاً من العنق، أما إطالة التحجيل فيغسل ما فوق المرفقين في اليدين، وما فوق الكعبين في الرجلين، ودليل السنية حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته (أطلق أحد القرينين - إطالة الغرة - مع إرادة الآخر - إطالة التحجيل - وهو معروف في اللغة، ومنه قوله تعالى {سرابيل تقيكم الحر} أي والبر)

وعن أبي حازم قال: "كنت خلف أبو هريرة رضي الله عنه وهو يتوضأ للصلاة فكان يمد يده حتى تبلغ إبطه. فقلت له يا أبا هريرة، ما هذا الوضوء؟ فقال يا بني فُروخ أنتم ههنا، لو علمت أنكم ههنا ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تبلغ الحلية من المؤمن حيث بلغ الوضوء) " (مسلم ج ١ / كتاب الطهارة باب ١٣: ٤٠)

-١١- تخليل أصابع اليدين بالتشبيك، مبتدئاً برؤوسها، لحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه المتقدم ( ... وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائماً)

-١٢- تحريك الخاتم: فعن رافع رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ حرك خاتمه" (ابن ماجة ج ١ / كتاب الطهارة باب ٥٤/٤٤٩)

-١٣- التيامن: لما روت عائشة قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترحله (الترجل: الامتشاط) وطهوره، وفي شأنه كله" (البخاري ج ١ / كتاب الوضوء باب ٣٠ / ١٦٦)

-١٤- دلك العضو، لحديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فجعل يقول: (هكذا يدلك) " (مسند الإمام أحمد ج ٤ / ص ٤٩) وخروجاً من خلاف العلماء (هو عند مالك رضي الله عنه فرض)

-١٥- مسح جميع الرأس: وذلك بأن يضع يديه على مقدم رأسه، ويلصق إحدى سبابتيه بالأخرى، وإبهامه على صدغيه، ثم يذهب بهما إلى قفاه، ثم يردهما إلى حيث بدأ، وإن كان له شعر ينقلب، ويعتبر الذهاب والرد مسحة واحدة، وإن لم يكن له شعر ينقلب أو كان له شعر ينفش فلا يردهما، وذلك لحديث يحيى المازني: "أن رجلاً قال لعبد الله بن زيد: أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم، فدعا بماء.؟ ... ثم مسح رأسه بيده فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه....." (البخاري ج ١ / كتاب الوضوء باب ٣٧/ ١٨٣) فإذا لم يرد نزع ما على رأسه مسح جزءاً من الرأس ثم تمم المسح بالكيفية السابقة على الساتر ثلاثاً. لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: "توضأ النبي صلى الله عليه وسلم ومسح على الخفين والعمامة" (الترمذي ج ١ / أبواب الطهارة باب ٧٥/١٠٠)

-١٦ - مسح الأذنين بعد مسح الرأس، ظاهرهما وباطنهما (ظاهرهما مما يلي الرأس وباطنهما مما يلي الوجه) بماء جديد غير ماء الرأس (أما لو بل أصابعه ومسح ببعضها رأسه وببعضها أذنيه ففعله صحيح) لحديث عمرو بن شعيب في صفة الوضوء، وفيه: "ثم مسح برأسه، وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، وبالسباحتين باطن أذنيه" (أبو داود ج ١ / كتاب الطهارة باب ٥١/ ١٣٥ والحديث بتمامه سيرد في فقرة التثليث)

ويكون مسح الأذنين بعد مسح الرأس، ولو قدمه عليه لم يحصل له مسح الأذنين لأنه فعله قبل وقته.

-١٧ - تخليل أصابع الرجلين من الأسفل إلى الأعلى، وذلك بخنصر اليد اليسرى، مبتدئاً بخنصر الرجل اليمنى منتهياً بخنصر الرجل اليسرى لما حدّث المستورد بن شداد رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره" (ابن ماجة ج ١ / كتاب الطهاة باب ٥٤/ ٤٤٦) والتخليل سنة إن كانت أصابع الرجلين منفرجة، فإن كانت ملتفة، لا يصل إليها الماء إلا بالتخليل وجب التخليل.

ويستحب عند غسل الرجل البدء بالأصابع، والاجتهاد في ذلك العقب، لا سيما في الشتاء، فإن الماء يتجافى عنها.

-١٨ - تثليث كل من الغسل والمسح والتخليل، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:: يا رسول الله كيف الطهور؟ فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثاً، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعه ثلاثاً، ثم مسح برأسه، فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً ثم قال: (هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم) " (أبو داود ج ١ كتاب الطهارة باب ٥١/ ١٣٥) وعن شفيق بن سلمة قال: "رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً ومسح رأسه ثلاثاً ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا" (أبو داود ج ١/ كتاب الطهارة باب ٥٠/١١٠)

-١٩ - التتابع (هو سنة للسليم، فقد قدمنا أنه واجب في حق دائم الحديث) أي عدم ترك فاصل زمني ين غسل الأعضاء، فقد صح عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة" (أبو داود ج ١ / كتاب الطهارة باب ٦٧/١٧٥) وخروجاً من خلاف العلماء الذين أبطلوا الوضوء بالتفريق الزمني الكبير بين الأعضاء (وضابط الكثير والقليل أنه إذا مضى بين الوضوءين زمن يجف فيه العضو المغسول على اعتدال الزمان وحال اشخص فهو تفريق كثير وإلا فقليل)

-٢٠- أن يقول عقيب الوضوء غير متأخر عن الفراغ، وهو مستقبل القبلة: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله"، ودليله حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه وفيه قول عمر رضي الله عنه قال - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم -: (ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبد الله ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل منه أيها شاء) (مسلم ج ١ / كتاب الطهارة باب ٦/١٧) وزاد الترمذي (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) (الترمذي ج ١ / أبواب الطهارة باب ٤١/ ٥٥) وله أن يزيد (سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك) (رواه الطبراني، من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، مجمع الزوائد ج ١ ص ٢٣٩)

ولا بأس بالدعاء أثناء غسل الأعضاء (١)


(١) [لأن الدعاء مرغّب فيه شرعا، مطلوب بالقرآن، غير مقيد بوقت دون آخر عدا الأوقات التي يكره فيها الذكر أصلا كوقت قضاء الحاجة والجماع، ولأن الدعاء هنا لا يُفَوّت سنّة ولا يقوم محلها بل يساعد على الذكر المطلوب في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا} (السجدة: ٤١) . دار الحديث.]

<<  <  ج: ص:  >  >>