- ولد عالمنا في غزة من أرض فلسطين سنة خمسين ومائة للهجرة (١٥٠) وهي سنة وفاة الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه وليست غزة موطن آبائه وإنما خرج أبوه إدريس إليها في حاجة فولد له محمد ابنه ومات هناك.
توفي والده وهو صغير لا يتجاوز العامين، فذهبت به أمه إلى مكة، وقد آثرت أن تهجر أهلها الأزد في اليمن وتحمل طفلها إلى مكة مخافة أن يضيع نسبه وحقه في بيت مال المسلمين من سهم ذوي القربى، وكانت هذه أول رحلة في حياة هذا الطفل التي كانت كلها رحلات.
نشأ الشافعي في مكة وعاش فيها مع علو وشرف نسبه عيشة اليتامى والفقراء والنشأة الفقيرة مع النسب الرفيع تجعل الناشئ يشب على خلق قويم ومسلك كريم فعلو النسب يجعله يتجه إلى معالي الأمور والفقر يجعله يشعر بأحاسيس الناس ودخائل مجتمعهم، وهو أمر ضروري لكل من يتصدى لعمل يتعلق بالمجتمع.
وقد بدت عليه علائم النبوغ والذكاء الشديدين منذ الصغر، حتى إن معلم الكتاب قبل دخوله فيه دون أجر، مقابل حلوله محله في تعليم الصبيان أثناء غيابه. وكان قوي الذاكرة، فقد قيل: إنه ما نسي شيئا حفظه أبدا.