١- موجبات الغسل التي يشترك فيها الرجال والنساء:
-١- الجماع، ولو في حال الإكراه أو النوم أو النسيان، ولو بدون إنزال، سواء كان في القبل أو الدبر، وسواء وجد حائل كثيف أم لا (أما الحقنة في القبل أو التحميلة، أو دخول إصبع الطبيب وآلة الفحص أثناء الفحص الطبي النسائي، كل ذلك لا يستوجب الغسل ما لم ينزل المني بسببه. وكذلك فإن الاستمناء أي العادة السرية والسحاق لا يستوجبان الغسل إلا أن ينزل بسببهما، بخلاف اللواط فيستوجب الغسل عليهما ولو من غير إنزال. على أن الثلاثة المذكورة الاستمناء والسحاق واللواط - حرام وفيهما من الضرر الجسمي والعقلي الذي قرره الأطباء ما يجعل تركها فرضاً شرعياً وفعلها حراماً وقد عقد الشيخ محمد الحامد في كتابه "ردود على أباطيل" بحثاً في الاستمناء، فليرجع إليه من أراد التفصيل) روي عن أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جلس بين شعبها الأربع (قيل هي يداها ورجلاها، وقيل رجلاها وفخذاها، وهو كناية عن الجماع) ثم جهدها (كناية عن معالجة الإيلاج) فقد وجب عليه الغسل) وفي رواية (وإن لم ينزل) في رواية لعائشة رضي الله عنها (ومسَّ الختانُ الختانَ) (مسلم ج ١ كتاب الحيض باب ٢٢/٨٧ و ٧٨)
-٢- إنزال المَنِيِّ (المنيُّ مشدد، وسمي كذلك لأنه يمنى أي يصب، وسُمِّيَت مِنَى لما يراق فيها من الدماء، ويقال أمنى ومنى بالتخفيف والتشديد) ، مهما يكن سببه، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما الماء من الماء) (مسلم ج ١ / كتاب الحيض باب ٢١/ ٨١، والماء الأولى يقصد بها الماء المعروف، والثانية المني)
ويمكن تمييز مني الرجل إما بتدفقه، بدليل قوله تعالى: {خلق من ماء دافق} (الطارق: ٦) وهي أعم وأثبت صفة له، أو باللذة التي تصحب خروجه، أو الفتور الذي يعقب خروجه، أو ريحه المميز، فله رائحة كرائحة طلع النخل، قريبة من ريح العجين إذا كان رطباً، وريح بياض البيض إذا كان جافاً وقد يفقد بعض صفاته هذه، بأن يرق ويصفر لمرض، أو يخرج بغير شهوة ولا لذة كما في بعض الحالات المرضية، أو يحمر لكثرة الجماع.
أما مني المرأة فقد جزم بعض الفقهاء بأنه لا يعرف إلا بالتلذذ أو الريح أو فتور الشهوة عقيب خروجه
ولا فرق في وجوب الغسل بخروج المني بين خروجه بجماع أو احتلام، أو استمناء أو نظر، أو بغير سبب، وسواء خرج بشهوة أو بدونها، وسواء تلذذ بخروجه أم لا، وسواء خرج كثيراً أو قليلاً، ولو بعض قطرات، وسواء خرج في النوم أو اليقظة، من الرجل أو المرأة، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: "" جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم، إذا رأت الماء) (يفهم من الحديث أن الاحتلام بلا إنزال لا يوجب الغسل) فقالت أم سلمة: يا رسول الله وتحتلم المرأة؟ فقال: (تربت يداك فبم يشبهها ولدها) " مسلم ج ١ / كتاب الحيض باب ٧/٣٢) وسواء خرج من العاقل أو المجنون، وسواء خرج من طريقه المعتاد، أومن غيره، كما في بعض الحالات المرضية (كما في حالات النواسير الإحليلية المستقيمية)
ولو استفاق فرأى المني في ثوبه، أو فراش لا ينام فيه غيره، أو ينام معه فيه من لم يبلغ سن الإنزال، ولم يتذكر أنه محتلم، وجب عليه الغسل، أما لو رأى منياً في فراش ينام فيه هو وغيره ممن يمكن أن يمني فلا غسل على أحد منهما لأنه لم يعرف صاحبه، لكن لا يجوز أن يصلي أحدهما خل الآخر حتى يغتسلا، والمستحب لكل واحد منهما أن يغتسل
ولو أمنى فاغتسل، ثم خرج منه مني على القرب بعد غسله لزمه الغسل ثانياً
ولو شك في كون الخارج منياً أو لا فله اختيار أيهما شاء ويعمل بمقتضاه، وله الرجوع عما اختاره إلى الآخر، والاحتياط مراعاتهما معاً
-٣- الموت: وهو مفارقة الروح الجسد، ووجوب الغسل بحق الميت المسلم فقط، وغسله فرض كفاية على كافة المسلمين، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رجلاً كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقصته ناقته وهو محرم فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اغسلوه بماء وسدر) " (البخاري ج ٢ / كتاب الإحصار وجزاء الصيد باب ٣٢/١٧٥٣ والوقص: كسر العنق، والسدر: شجر النبق، الواحدة سدرة) أما الشهيد فلا يغسل لحديث جابر رضي الله عنه في قتلى أحد، " أنه صلى الله عليه وسلم أمر بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلهم" (البخاري ج ١ كتاب الجنائز باب ٧٤/١٢٨٢) وأما الكافر فلا يجب غسله لكن يجوز (سيرد غسل الميت مفصلاً في بحث الجنائز من كتاب الصلاة)
-٢- موجبات الغسل الخاصة بالنساء:
-١- الحيض: لقوله تعالى: {فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فأتوهن} (البقرة ٢٢٢)
ولحديث عائشة أنها قالت: "قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني لا أطره فقال صلى الله عليه وسلم (فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي) " (البخاري ج ١ كتاب الحيض باب ٨/٣٠٠)
-٢ - النفاس: وهو الدم الخارج عقب الولادة جاء في نيل الأوطار: "وقع الإجماع من العلماء أن النفاس كالحيض في جميع ما يحل ويحرم ويكره وندب"، قال الشافعي: "وتغتسل الحائض إذا طهرت، والنفساء إذا انقطع دمها"
-٣- الولادة: ولو علقة (العلقة هي ما تصير إليه البيضة الملقحة بعد مرور أربعين يوماً على الإلقاح) أو مضغة (هي ما تصير إليه العلقة بعد أربعين يوماً من تشكلها، أي بعد الإلقاح بثمانين يوماً) أو قيصرية، إن لم تنفس، أما إن نفست فغسل النفاس يجزئها.