للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ١- النقل: وهو تحويل التراب إلى العضو الذي يريد مسحه، مع قرن نقل التراب بالنية، أي قصد نقل التراب مع قصد التيمم، فلو تعرض لمهب الريح مكتفياً بما سفته على وجهه أو أحد أعضائه لم يجزئه، لكن إن نقله مثلاً، من على وجهه بقصد النقل، ثم مسح به وجهه مع النية صح، أو نقله من إحدى يديه فكذلك.

-٢- النية: لا تكفي نية رفع حدث أصغر، أو أكبر، أو الطهارة عن أحدهما، لان التيمم لا يرفعه، ولو نوى فرض التيمم أو فرض الطهارة، أو التيمم المفروض، لم يكف، لأن التيمم ليس مقصوداً في نفسه، وإنما يؤتى به عن ضرورة، فلا يجعل مقصوداً، بخلاف الوضوء، ولهذا استحب تجدي الوضوء بخلاف التيمم. وتكون نية التيمم على أحد الصور التالية:

(١) نية التيمم لاستباحة فرض: مثل فرض الصلاة أو فرض الطواف أو خطبة الجمعة، فيقصد معنى قوله: "نويت التيمم لاستباحة فرض الصلاة، أو فرض الطواف" ففي هذه النية استباح فرضاً واحداً، كما يستبيح معه النفل قبل الفريضة وبعدها، في الوقت وبعده، لأن النفل تابع للفرض، فإذا صلحت طهارته للأصل فهي للتابع أصلح (وبناء عليه، لو نسي صلاة من صلوات اليوم والليلة ولا يعرف عينها قضى خمس صلوات وكفاه لهن تيمم واحد، لأن المنسية واحدة، وما سواها ليس بفرض، وإذا صلى فريضة منفرداً بتيمم، ثم أدرك جماعة يصلونها، فأراد إعادتها بذلك التيمم بنى على أن الأولى هي الفرض منهما) كما يستبيح بالنية نفسها صلاة الجنازة (مع أنها فرض كفاية إلا أنها بمنزلة النفل) وسجدتي الشكر والتلاوة، ومس المصحف، والوطء بعد الحيض.

(٢) نية التيمم لاستباحة نفل، بقصد معنى قوله: "نويت التيمم لاستباحة نفل الصلاة أو نفل الطواف" وبها يستبيح أكثر من نفل، والوطء بعد الحيض، ولا يستبيح فرضاً أبداً فإن نوى استباحة الصلاة ولم يقصد فرضاً ولا نفلاً وقعت على النفل.

(٣) نية التيمم لسجدة الشكر أو التلاوة أو مس المصحف أو الوطء بعد الحيض، وبها لا يستبيح أي فرض أو أي نفل سوى هذه المرتبة.

(٤) التيمم بنية الغسل: يقصد معنى قوله: "نويت التيمم عن فرائض الغسل لاستباحة فرض الصلاة" فيستبيح الصلاة والقراءة والمكث في المسجد، وغير ذلك مما يباح بالغسل.

ثم عندما يحدث حدثاً أصغر، بعد ذلك ينوي إحدى النيات الثلاث، التي تقدم ذكرها، حسب الحاجة.

وعلى كل حال، يجب اقتران النية بالنقل، واستدامتها حتى مسج شيء من الوجه على الأقل، فلو أحدث بعد نقل التراب، وقبل أن يبدأ بمسح وجهه، لم يمسح بذلك التراب، بل يجب نقل غيره.

-٣- مسح الوجه واليدين مع المرفقين: لقوله: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} (المائدة: ٦)

والدليل على أن قدر الواجب مسحه من اليدين إلى المرفقين ذكره الشافعي رضي الله عنه بعبارة معناها أن الله تعالى أوجب طهارة الأعضاء الأربعة بالوضوء في ألو الآية المذكورة، ثم أسقط منها عضوين في آخر الآية، فبقي العضوان في التيمم على ما ذكرنا في الوضوء، إذ لو اختلفا لبينهما، وقد أجمع المسلمون على أن الوجه مستوعب في التيمم كالوضوء فكذا اليدان.

ولا يجب إيصال التراب إلى منابت الشعر، بلا ولا يندب، ولو خفيفاً لما فيه من المشقة - بخلاف الماء - لكن يجب أن يتعهد منعطفات الوجه كجوانب الآماق واللحاظ والأنف ومقبله من الأسفل، لأن ذلك من بشرة الوجه، وهذا يغفل عنه الكثيرون، كما لا يجوز أن يغفل عن ظاهر الشفتين عند إطباقهما.

-٤- استيفاء الضربتين (قال النووي: هذا هو المعروف من مذهب الشافعي، ونقل أن الرافعي صحح استحبابه دون وجوبه. والمجموع ج ٢ /ص ٢٥٤) ضربة لليدين، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التيمم ضربتان، ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين) (الدارقطني ج ١ / ص ١٨٠)

-٥- الترتيب بين المسحتين: فيقدم وجهه على يديه، كالوضوء، وسواء كان التيمم عن حدث أصغر أو حدث أكبر، لأنهما في التيمم عضوان، ودليل الترتيب الآية {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} والواو عند الشافعية للترتيب على ما رأينا في الوضوء، فلو ترك الترتيب لم يصح التيمم لليدين، أما بالنسبة للوجه فهو صحيح، لذلك يعيد مسح اليدين فقط

وأما أخذ التراب للوجه واليدين فلا يشترط فيه الترتيب، فلو ضرب بيديه دفعة على التراب، ومسح بيمينه وجهه، وبيساره يمينه جاز، لكن لا بد من ضربة ثانية ليمسح بها يسراه

<<  <  ج: ص:  >  >>