للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- تلقى الشافعي الفقه والحديث على شيوخ تباعدت أمكنهم، وتخالفت مناهجهم، فجمع فقه أكثر المذاهب التي كانت في عصره، (وقد روى عن كثير من المشايخ، أشهرهم تسعة عشر: خمسة مكية، وستة مدنية، وأربعة يمانية، وأربعة عراقية) وتلقى فقه مالك عليه، وتلقى فقه الأوزاعي عن صاحبه عمر بن أبي سلمة من أهل اليمن، وتلقى فقه الليث بن سعد فقيه مصر عن صاحبه يحيى بن حسان، ثم تلقى فقه أبي حنيفة عن محمد بن الحسن فقيه العراق، وبذلك يكون قد برع في مدرسة الحديث في المدينة، ومدرسة الرأي في العراق. وكان ثمة مدرسة ثالثة تعنى بتفسير القرآن، وهي مدرسة مكة التي اتخذها ابن عباس رضي الله عنهما مقاما له، وقد جعل الشافعي ابن عباس مثله الكامل، وترسم خطاه، وسار في مثل سبيله. وانساغ كل ذلك العلم الكثير في نفس الشافعي، فكان منه ذلك المزيج الفقهي المحكم، الذي تلاقت فيه كل النزعات منسجمة متعادلة، متآلفة النغم، وتولدت منه تلك المعاني الكلية، فقدمها للناس في بيان رائع وقول محكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>