للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- إذا خرج الإمام على الصلاة لسبب أو بلا سبب حاز له أن يستخلف، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: "لما تقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يُؤْذِنْه بالصلاة، فقال: (مروا أبا بكر أن يصلى بالناس) ... فقلت لحفصة قولي له: إن أبا بكر رجل أسِيْف (١) ، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر. قال: (إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر أن يصلي بالناس) . فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة فقام يُهادى بين رجلين، ورجلاه تخطان في الأرض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه، ذهب أبو بكر يتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يصلى قائما، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى قاعدا، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس مقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه" (٢) .

ويشترط أن يكون الاستخلاف على قرب، فلو فعلوا في الانفراد ركنا امتنع الاستخلاف بعده. كما يشترط أن يكون الخليفة صالحا لإمامة هؤلاء المصلين. ثم إن كان المستخلف مأموما يصلى تلك الصلاة أو مثلها في عدد الركعات صح، سواء كان مسبوقا أم غيره وسواء اسُتخلف في الركعة الأولى أو غيرها، لأنه ملتزم لترتيب الإمام باقتدائه فلا يؤدي إلى المخالفة. فإن كان الخليفة مأموما مسبوقا لزمه مراعاة ترتيب الإمام، فيقعد موضع قعوده، ويقوم موضع قيامه، كما كان يفعل لو لم يخرج الإمام من الصلاة، فلو اقتدى المسبوق في ثانية الصبح ثم أحدث الإمام فيها فاستخلفه فيها قنت وقعد عقبها وتشهد ثم يقنت في الثانية لنفسه، ولو كان الإمام قد سها قبل اقتدائه أو بعده سجد في آخر صلاة الإمام وأعاد في آخر صلاة نفسه، وإذا تمت صلاة الإمام قام لتدارك ما عليه، والمأمومون بالخيار، إن شاؤوا فارقوا وسلموا، وتصح صلاتهم للضرورة، وإن شاؤوا صبروا جلوسا ليسلموا معه. هذا إذا عرف الخليفة المسبوق نظم صلاة الإمام وما بقي منها، فإن لم يعرف راقب المأمومين إذا أتم ركعة، فإن هموا بالقيام قام، وإلا قعد. وسهو الخليفة قبل الاستخلاف يحمله الإمام فلا يسجد له أحد، أما سهوه بعد الاستخلاف فيقتضي سجوده وسجودهم. وسهو القوم قبل حدث الإمام وبعد الاستخلاف محمول، وبينهما غير محمول فيسجد الساهي بعد سلام الخليفة.

ولو أحدث الإمام وانصرف ولم يستخلف، قدم القوم واحداً بالإشارة، ولو تقدم واحد بنفسه جاز.

وإن استخلف الإمام أجنبياً، فإن كان ذلك في الركعة الأولى أو الثالثة من رباعية جاز، لأنه لا يخالفهم في الترتيب. وإن استخلفه في الثانية أو الأخيرة لم يجز لأنه مأمور بالقيام، غير ملتزم لترتيب الإمام، وهم مأمورون بالقعود على ترتيب الإمام فيقع الاختلاف.


(١) أسيف: رقيق القلب، من الأسف وهو شدة الحزن.
(٢) البخاري ج ١/كتاب الجماعة والإمامة باب ٣٩/٦٨١، ويهادى: أي يعتمد على الرجلين في مشيه من شدة الضعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>