للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ١ - التبكير: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من اغسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة (١) ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة. فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر) (٢) .

ويستحب أن يمشى إليها وعليه السكينة والوقار، غير راكب إلا لعذر، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) (٣) .

إلا الإمام فيسن له التأخير لتهيئة الخطبة.

-٢- ويستحب إن حضر قبل الخطبة أن يشتغل بذكر الله تعالى والتنفل، فإذا جلس الإمام حرم التنفل، ولا تنعقد الصلاة المتنفل بها ولو لم يشرع في الخطبة، ومثل ذلك في الحرمة وعدم الانعقاد الصلاة حال جلوس الخطيب بين الخطبتين، لما روي عن ثعلبة بن أبي مالك رضي الله عنه "أن قعود الإمام يقطع السبحة وأن كلامه يقطع الكلام" (٤) .

ويستثنى من ذلك تحية المسجد للداخل بعد جلوس الخطيب على المنبر، فله فعلها، بل يسن، ويجب تخفيفها والاقتصار على ركعتين لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما) (٥) . هذا ما لم يكن الإمام في آخر الخطبة فلا يفعل لئلا يفوته أول الصلاة مع الإمام.

-٣ - الدنو من الإمام لحديث أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل يوم الجمعة وغسل، وبكر وابتكر، ودنا واستمع وأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها) (٦) .

-٤ - الإنصات في الخطبة بترك الكلام والذكر للسامع مع الإصغاء، وبترك الكلام دون الذكر لغير السامع، لقوله تعالى: {وإذا قرئ القران فاستمعوا له وأنصتوا) (٧) ، نزلت هذه الآية في الخطبة، وإنما سميت الخطبة قرآنا لاشتمالها عليه. ومعنى الآية محمول على الندب لا على تحريم الكلام، بدليل ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس. فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم معه يدعون ... " (٨) . وعليه، يجب رد السلام، وإن كره ابتداؤه، ويسن تشميت العاطس، ورفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند قراءة الخطيب: {إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} (٩) ، وكذا عند ذكر اسمه ولو من غير الخطيب. أما في سوى ذلك فالصمت مستحب لما ذكرنا من قوله تعالى، ولحديث أيي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لغا) (١٠) .


(١) قرب بدنة: تصدق بها. والبدنة: الواحد من الإبل ذكرا كان أو أنثى.
(٢) البخاري ج ١/كتاب الجمعة باب ٤/٨٤١.
(٣) البخاري ج ١/كتاب الجمعة باب ١٦/٨٦٦.
(٤) البيهقي ج ٣/ص ١٩٣، والسبحة: النافلة.
(٥) مسلم ج ٢/كتاب الجمعة باب ١٤/٥٩.
(٦) الترمذي ج ٢/أبواب الصلاة باب ٣٥٦/٤٩٦، وبكّر: أتى الصلاة في أول وقتها. وابتكر: أدرك أول الخطبة. وقيل معنى اللفظين واحد، وإنما كرر للمبالغة والتوكيد.
(٧) الأعراف: ٢٠٤.
(٨) البخاري ج ١/كتاب الاستسقاء باب ٢٠/٩٨٣.
(٩) الأحزاب: ٥٦.
(١٠) مسلم ج ٢/كتاب الجمعة باب ٨/٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>