للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فإذا مات تولى أرفقهم به إغماض عينيه لئلا يقبح منظره، ولأن البصر يتبع الروح فينظر أين تذهب، لما روت أم سلمة رضي الله عنها قالت: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه ثم قال: (إن الروح إذا قبض تبعه البصر ... ) (١) .

ويشد لحييه بعصابة عريضة، ثم يشد العصابة على رأسه حتى لا ينفتح فمه فيقبح منظره، وتدخل إليه الهوام، ويلين مفاصله بالتحريك، وبدهن إن احتيج إليه لأن ذلك يسهل غسله، ولئلا تبقى أعضاؤه جافية فلا يمكن تكفينه.

وينزع عنه ثيابه ويستره بثوب خفيف، ويجعله على سرير أو لوح حتى لا تصيبه نداوة الأرض فتغيره، ويضع على بطنه شيئاً ثقيلاً حتى لا ينتفخ، لما روى البيهقي، قال: (مات مولى لأنس بن مالك عند مغيب الشمس، فقال أنس رضي الله عنه، ضعوا على بطنه حديدة) (٢) .

ثم يستقبل به القبلة، ويدعى له، ويبادر إلى تبرئة ذمته، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) (٣) .

ويستحب إعلام أهله وأصدقائه بموته، للصلاة عليه، ولا يكون ذلك من النعي المكروه، كما يستحب لأقربائه وجيرانه أن يصلحوا طعاماً لأهله، لما روى عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: (لما جاء نعي جعفر قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا لأهل جعفر طعاماً فإنه قد جاءهم ما يشغلهم) (٤) . ثم يبادر إلى تجهيزه، ثم إلى إنفاذ وصيته، لما روى علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (يا علي ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤاً) (٥) .

فإن مات فجأة وجب تركه حتى يتعين موته بظهور أمارات الموت فيه، من ميل أنف، وانخفاض صدغ، واسترخاء قدم. ولا عبرة برأي الطبيب إن لم تظهر هذه العلامات.


(١) مسلم ج ٢/ كتاب الجنائز باب ٤/٧.
(٢) البيهقي ج ٣/ص ٣٨٥.
(٣) الترمذي ج ٣/ كتاب الجنائز باب ٧٦/١٠٧٨.
(٤) الترمذي ج ٣/ كتاب الجنائز باب ٢١/٩٩٨.
(٥) الترمذي ج ٣/ كتاب الجنائز باب ٧٣/١٠٧٥، والأيم: من لا زوج لها بكراً أو ثيباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>