للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- يجب على الناس في موتاهم، وجوباً كفائياً، تجهيز الموتى، بحسب أقسام الموتى السبعة الآتية:

- ١ - مسلم غير شهيد: يجب غسله، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه، وإن كان سقطاً (١) ، إذا علمت حياته بالاستهلال (٢) ، أو الاختلاج، أو التنفس، أو التحرك. فإن مات محرماً كان تكفينه غير كامل، فلا يغطى رأس المحرم، ولا يستر وجه المحرمة، لأن الإحرام لا يبطل بالموت، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما من قوله صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي سقط عن راحلته فوقصته: (اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيباً، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً) (٣) .

- ٢ - مسلم شهيد (٤) :

يجب تكفينه ودفنه، والأولى تكفينه بثيابه الملطخة بالدم، فإن لم تكفه وجب إتمامها بما يستر جميع بدنه، ويجوز التكفين بغيرها. أما الثياب التي لا تلبس عادة إلا للحرب مثل الدرع والخف فيندب نزعها عنه كسائر الموتى، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا في ثيابهم بدمائهم) (٥) .

ويحرم غسله لإبقاء أثر الشهادة، وهو الدم، لما ورد أن رائحته يوم القيامة تكون كرائحة المسك، روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ... والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم، لونه لون الدم وريحه مسك) (٦) .

لكن إن أصابه نجس آخر وجبت إزالته ولو أدى ذلك إلى إزالة دم الشهادة.

كما تحرم الصلاة عليه، ولا تصحـ أما خبر أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج وصلى على قتلى أحد صلاته على الميت ففي تفسيره قولان: أحدهما: أنه من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني: أن المراد بصلاته صلى الله عليه وسلم أنه دعا لهم كدعائه للميت، وقد تقدم أن الصلاة في اللغة الدعاء. يعضد هذا التفسير ما ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في قتلى أحد: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بدفنهم في دمائهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسلوا) (٧) .

- ٣ - سقط مسلم بعد التخلق، دون أن تظهر فيه بعد وضعه علائم الحياة: يجب غسله، وتكفينه، ودفنه، بلا صلاة عليه.

- ٤ - سقط مسلم قبل التخلق: لا يجب فيه شيء، بل تحرم الصلاة عليه، ويسن ستره بخرقة ودفنه، ويجوز طرحه لقطة ونحوها.

- ٥ - ذمي: يجب تكفينه ودفنه، وتحرم الصلاة عليه.

- ٦ - الكافر: يجوز غسله ودفنه، وإتباع جنازته على الإطلاق، ولكن لا تجوز الصلاة عليه، ولا الدعاء له بالمغفرة، بل هما حرامان مطلقاً (٨) بنص القرآن والإجماع.

ولو اختلط مسلم وكافر صلى عليهما، ويقول في دعائه: اللهم اغفر للمسلم منهما، أو يقول على كل واحد منهما: اللهم اغفر له إن كان مسلماً.

- ٧ - الحربي والمرتد: يجوز لكل منهما الغسل فقط. ولا حرمة لهما، بل يجوز إغراء الكلاب بجيفتهما، أما إن تضرر الناس بروائحهما فيجب دفنهما.

وتكون أجرة التجهيز؛ كثمن الماء، وأجرة الغسل، وثمن الكفن، وما إلى ذلك، من تركة الميت، تخرج منها قبل وفاء الدين، وإخراج الوصايا، والإرث، ولكن بعد الرهن والزكاة المتعلقة بعين النصاب. أما الزوجة غير الناشزة، وخادمها، فتلزم مؤنة تجهيز كل منهما على الزوج الموسر ولو كانت غنية، ولو بما يرثه منها، وإلا فمن تركتها. فإن لم تكن للميت تركة فمؤنة تجهيزه على من تلزمه نفقته، ثم من موقوف على تجهيز الموتى، ثم من بيت المال، ثم على أغنياء المسلمين.


(١) السقط: هو الجنين النازل قبل تمام أشهره.
(٢) الاستهلال: رفع الصوت.
(٣) البخاري ج ٢/ كتاب الإحصار وجزاء الصيد باب ٣١/١٧٥٢.
(٤) والشهيد هو من مات في المعركة مع الكفار والمشركين لإعلاء كلمة الله، سواء قتله كافر، أو مسلم خطأ، أو عاد سلاحه إليه، أو سقط عن دابته، أو نحو ذلك. أما لو مات في قتال البغاة، أو مات في المعركة لا بسببها بل بمرض فليس بشهيد.
(٥) ابن ماجه ج ١/ كتاب الجنائز باب ٢٨/١٥١٥.
(٦) مسلم ج ٣/ كتاب الإمارة باب ٢٨/١٠٣.
(٧) ابن ماجه ج ١/ كتاب الجنائز باب ٢٨/١٥١٤.
(٨) ولو كان الكافر صغيراً غير مميز.

<<  <  ج: ص:  >  >>