للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- يحرم لبس الحرير للذكر البالغ، إلا لضرورة، وكذا يحرم استعماله، لحديث حذيفة رضي الله عنه قال: "نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه" (١) .

ونوعا الحرير: القز (٢) والإبريسم (٣) في الحرمة سواء، وكذا نوعا قماشه: الديباج (٤) والسندس (٥) . أما الحرير الصناعي فلا يحرم لبسه ولا استعماله.

والعلة في التحريم ما ذكره الإمام الغزالي رضي الله عنه قال: في الحرير خنوثة (٦) لا تليق بشهامة الرجال.

ويستثنى من الحرمة ما ركب من حرير وغيره إن استويا في الوزن، وكذا التطريز والترقيع بالحرير الخالص، والحشو، والخياطة به، ما لم يبلغ كل من ذلك وزن الثوب، أما التطريف (٧) بالحرير فالعبرة فيه بعادة أمثاله. روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المُصْمَت (٨) من الحرير، فأما العلم من الحرير، وسدى الثوب، فلا بأس به" (٩) .

كذلك يحرم على الرجل استعمال الحرير الخالص، كالجلوس عليه، والاستناد عليه من غير حائل بينهما، وكذا يحرم الجلوس تحته (١٠) .

ويستثنى من تحريم الاستعمال للرجال كيس المصحف، وعلاقته، وخيط السبحة، وخيط المفتاح، وما يوضع منه على قبور الأنبياء والأولياء، إن خلا عن النقد. ويجوز ستر الكعبة به.

ويجوز استعماله للضرورة، كفجاءة الحرب، أو لحر أو برد مهلكين، إذا لم يجد غيره، وكدفع جرب أو حكة، أو ستر عورة، إن لم يجد غيره من دواء أو لباس، فمتى وجد حرم الاستعمال، لحديث أنس رضي الله عنه قال: "رخص النبي صلى الله عليه وسلم للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير لحكة بهما" (١١) .

والتحريم يقتصر على الذكر البالغ العاقل، أما إن كان صبياً أو مجنوناً فلا يحرم.

أما النساء فيحل لهن لبس الحرير واستعماله، لما روى علي رضى الله عنه قال: "إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله في يمينه، وأخذ ذهباً فجعله في شماله، ثم قال: (إن هذين حرام على ذكور أمتي) " (١٢) .

ويحرم على الرجال لبس المزعفر (١٣) واستعماله. أما المنقط بالزعفران فلا يحرم، لحديث أنس رضي الله عنه قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل" (١٤) .

ويكره للرجال لبس المعصفر كله أو بعضه، واستعماله كذلك، إلا المنقط أو المقلم فلا يكره، لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ ثوبين معصفرين فقال: (إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها) " (١٥) .

ولا يحرم، ولا يكره الأحمر والأصفر والأخضر والأسود والمخطط.

ويحرم التختم بالذهب للرجل، لحديث علي رضي الله عنه قال: "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحتم بالذهب" (١٦) . أما الفضة فيجوز التختم بها، بل يسن، ما لم يسرف فيه عرفاً، والأفضل جعله في اليد اليمنى، ولبسه في الخنصر، لحديث روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه " ... ثم اتخذ - رسول الله صلى الله عليه وسلم - خاتماً من فضة، فاتخذ الناس خواتيم الفضة، فلبس الخاتم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، حتى وقع من عثمان في بئر أريس" (١٧) .


(١) البخاري ج ٥/كتاب اللباس باب ٢٦/٥٤٩٩.
(٢) القز: هو ما قطعته الدودة وحرجت منه حية.
(٣) الإبريسم: ما ماتت الدودة فيه، وحل عنها بعد الموت، ويسمى بالحرير المسكي.
(٤) الديباج: ما غلظ من ثياب الحرير.
(٥) السندس: ما رق منها.
(٦) الخنوثة: النعومة والليونة.
(٧) وهو "السجاف ".
(٨) المصمت: ما كان من حرير كله، لا يخالطه قطن أو غيره.
(٦) أبو داود ج ٤/كتاب اللباس باب ١٢/٤٠٥٥.
(٠ ا) كناموسية الحرير.
(١١) البخاري ج ٥/كتاب اللباس باب ٢٨/٥٥٠١.
(١٢) أبو داود ج ٤/كتاب اللباس باب ١٤/٤٠٥٧.
(١٣) المزعفر: المصبوغ بالزعفران كله أو بعضه.
(١٤) البخاري ج ٥ /كتاب اللباس باب ٣٢/٥٥٠٨.
(١٥) مسلم ج ٣/كتاب اللباس والزينة باب ٤/٢٧.
(١٦) مسلم ج ٣/كتاب اللباس والزينة باب ٤/٣١.
(١٧) البخاري ج ٥ /كتاب اللباس باب ٤٥/٥٥٢٨، وبئر أريس في حديقة بالقرب من مسجد قباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>