للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-١- في المرض: يجوز الفطر بشكل عام، وإذا كان المرض مطبقا جاز له ترك النية، وأما إن كان يحم وقتا دون وقت، فإن كان محموما وقت الشروع جاز له ترك النية وإلا فعليه أن ينوي، فإن عاد المرض واحتاج إلى الإفطار أفطر.

ويختلف حكم الإفطار في المرض باختلاف شدة المرض:

(١) إن تحقق أن الصوم يؤدي إلى ضرر يبيح التيمم (١) ، أو إلى هلاك، فيحرم عليه الصوم ويجب الإفطار، فإذا استمر صائما حتى مات مات عاصيا لمخالفة قول الله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} (٢) وقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم} (٣) ".

(٢) إن خاف أو توهم من الصوم ضررا يبيح التيمم، كره له الصوم وجاز له الفطر.

(٣) وإن كان مريضا مرضا خفيفا بحيث لا تحصل له بالصوم مشقة تبيح التيمم، كمصاب بصداع أو ألم سن أو أذن ... لم يجز له الفطر ويجب الصوم ما لم يخف الزيادة. ولمن غلب عليه الجوع والعطش بحكم مهنته كالحصادين، والعمال في الطريق ... حكم المريض صوما وفطرا.

-٢- في السفر: يجوز الفطر للمسافر سفر قصير مباح قبل الفجر، سواء خاف مشقة شديدة أم لم يخف.

وسفر القصر: هو السفر المبيح لقصر الصلاة، وهو ما كان لمسافة واحد وثمانين كيلو مترا فما فوق، ولا عبرة لوسيلة النقل ...

والمباح: ما لم يكن لمعصية أو بمعصية.

وقولنا قبل الفجر، يخرج به ما لو طرأ السفر على الصوم، فلا يجوز الفطر، بخلاف المريض. والأدلة على جواز الفطر في الحالة المذكورة: قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} (٤) . وما روت عائشة رضي الله عنها "أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم أأصوم في السفر؟ فقال: (إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر) " (٥) . وعن أنس رضي الله عنه قال: "كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم" (٦) .

ولو نوى الصيام في الليل ثم سافر، ولا يعلم هل سافر قبل الفجر أو بعده فليس له الفطر لأنه يشك في مبيح الفطر، ولا يباح له بالشك.

والجواز بالإفطار في هذه الحالات طيلة مدة غيابه إن كانت مدة مكوثه في البلدة التي سافر إليها ثلاثة أيام أو أقل، أما إن كانت مدة إقامته أربعة أيام أو أكثر عدا يومي الدخول والخروج فيعتبر مقيما، وعليه أن يصوم من أول يوم وصل فيه إلى بلد المقصد. أما إن كان يديم السفر كالسائق فلا يباح له الفطر لأنه يؤدي إلى إسقاط الوجوب كلية.

وبصورة عامة: الصوم في السفر أفضل من الفطر إن لم يتضرر به، لأن فيه تعجيلا لبراءة الذمة، وعدم إخلاء الوقت من العبادة. أما إذا تضرر به فالفطر أفضل، بدليل ما رواه جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فرأى زحاما، ورجلا قد ظلل عليه. فقال: (ما هذا؟) قالوا: صائم. فقال: (ليس من البر الصوم في السفر) " (٧) . وإن غلب على ظنه تلف نفس أو عضو أو منفعة بسبب الصوم حرم عليه. ويقول الغزالي: ولو لم يتضرر من الصوم في الحال، لكن يخشى منه الضرر في المستقبل فالفطر أفضل.

وإذا زال سبب جواز الفطر، بالشفاء أو الإقامة أثناء النهار، ولم يكن الشخص مبيتا نية الصوم، فيسن له الإمساك، أما إذا كان مبيتا النية فيجب عليه الاستمرار بالصوم.

وفيما يلي تفصيل حالات الفطر في رمضان، مع حكم كل منها وما يجب على المفطر من قضاء وفدية:


(١) يقصد بذلك خوفه أن يؤدي الصوم إلى مرض أو ازدياد مرض أو بقائه، أو ذهاب منفعة عضو.
(٢) البقرة: ١٩٥.
(٣) النساء: ٢٩.
(٤) البقرة: ١٨٤.
(٥) البخاري ج ٢/كتاب الصوم باب ٣٣/١٨٤١.
(٦) البخاري ج ٢/كتاب الصوم باب ٣٦/١٨٤٥.
(٧) البخاري ج ٢/كتاب الصوم باب ٣٥/١٨٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>