للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-١- الشيخ الهرم (١) ، والمريض مرضا لا يرجى برؤه، إن عجز كل منهما عن الصوم، بحيث لو صام لحقته مشقة لا تحتمل عادة، أو مرض يبيح التيمم، لقول ابن عباس رضي الله عنهما، في شرح قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ... } " هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا" (٢) . وروى البيهقي: "أن أنسا رضي الله عنه ضعف عاما قبل موته، فأفطر، وأمر أهله أن يطعموا مكان كل يوم مسكينا" (٣) .

فهؤلاء يفطرون، ويخرجون فدية عن كل يوم أفطروا فيه، ولا يجوز إخراجها قبل رمضان، وإنما تخرج بعد دخول ليلة ذلك اليوم.

أما إن أصبح الهرم أو المريض قادرا على الصوم فلا يجب عليه قضاء ما أفطره. لكن يجب عليه الصوم منذ أن أصبح قادرا عليه.

-٢- من مات وعليه صوم فائت من رمضان أو غيره ففي حكمه تفصيل:

(١) إن فاته الصيام لعذر، ولم يتمكن من القضاء لاستمرار العذر، كأن مرض واستمر المرض إلى أن مات، فلا إثم عليه فيما فات، وليس على الوارث الفدية.

(٢) إن فاته الصيام لعذر، إلا أنه تمكن من القضاء، ولكن مات قبل أن يقض، أو فاته الصيام بلا عذر ولم يتمكن من القضاء، أو فاته الصيام بلا عذر وتمكن من القضاء، ففي هذه الحالات الثلاث يجب على الوارث إخراج فدية عن كل يوم صيام فائت، عن الميت، من تركته، وتنتقل الفدية من ذمة الميت إلى ذمة الوارث، فإن لم تكن للميت تركة جاز للولي، بل وللأجنبي أيضا، ولو من غير إذن، إخراج الفدية عن الميت من ماله الخاص، لأنه من قبيل وفاء الدين عن غيره، وهو صحيح. فإن لم يف أحد عنه فتبقى الفدية معلقة بذمة الميت، فإن شاء الله غفرها وعفا عنه برحمته.

أما مسألة الصوم عن الميت لقضاء دينه، ففي الأقوى من مذهبي الشافعي رضي الله عنه هنا أنه يسن أن يصوم عن الميت قريبه أو من أذن له الوارث أو الميت، بأجرة أو بدون أجرة، لحديث عن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: "جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ قال: (أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته، أكان يؤدي ذلك عنها؟) قالت: نعم. قال: (فصومي عن أمك) " (٤) . ولأنه عبادة تجب بإفسادها الكفارة، فجاز أن يقضى عنه بعد الموت، كالحج.


(١) من بلغ الثمانين أو السبعين، أو أقل، فالهرم يختلف باختلاف الأشخاص.
(٢) البخاري ج ٤/كتاب التفسير/البقرة باب ٢٧/٤٢٣٥.
(٣) البيهقي ج ٤/ص ٢٧١.
(٤) مسلم ج ٢/كتاب الصيام باب ٢٧/١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>