للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- تجب الزكاة في عروض (١) التجارة، والدليل على ذلك ما روي عن سَمُرَة بن جُنْدَب رضي الله عنه قال: "أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع (٢) ". وذلك بأن تقوم (٣) عروض التجارة آخر الحول بما اشتريت به من النقد (٤) ، فإذا بلغت القيمة نصاباً أخرجت الزكاة، وإلا فلا، وتخرج الزكاة من القيمة لا من العين (٥) ، فإذا كان تاجر بناء مثلاً يقوم ما عنده من بيوت في آخر الحول، ويخرج الزكاة عن قيمتها، ولا عبرة للمباع والمشترى خلال الحول (٦) ، ويبدأ حول العروض بنية التجارة والمماكسة (٧) معاً، فلو نوى فقط ولم يماكس، أو ماكس ولم ينوها، لم يبدأ الحول، ولا عبرة لقيمة العروض في أول الحول مهما بلغت، وإنما العبرة للقيمة آخر الحول، وإن ردت العروض إلى النقد الذي اشتريت به أثناء الحول، وكان هذا النقد نصاباً فأكثر، لم ينقطع الحول، أما إذا كان النقد الذي ردت إليه أقل من النصاب انقطع الحول، فإذا اشترى به عرضاً آخر بنية التجارة بدأ حول جديد. والتقويم لا يكون إلا بالنقد الذي اشتريت به العروض؛ فإذا اشتراها بذهب قومها بالذهب، أو بفضة قومها بفضة، وإن اشتراها بهما معاً قدر ما قابل الذهب وما قابل الفضة، ولا يضم أحدهما إلى الآخر، فلو لم تبلغ نصاباً بما اشتريت به فلا زكاة عليها، ولو بلغت نصاباً في غير هذا النقد. وإن تملكها بعوض كعرض أو نكاح أو صلح عن دم قومت بغالب نقد هذا البد.

أما مقدار زكاة التجارة فهو ربع العشر، ودليله ما ذكر زُرَيْقُ بن حيان - وكان زريق على جواز مصر في زمن الوليد بن عبد الملك وسليمان وعمر بن عبد العزيز - "أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه أن انظر مر بك من المسلمين، فخذ مما ظهر من أموالهم، مما يريدون من التجارات، من كل أربعين ديناراً ديناراً، فما نقص فبحساب ذلك، حتى يبلغ عشرين ديناراً فإن نقصت ثُلُثَ دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئاً" (٨) .


(١) هي المال المتجر به، غير النقد، وسواء كان منقولاً أم عقاراً أم حيواناً.
(٢) أبو داود ج ٢/ كتاب الزكاة باب ٢/١٥٦٢.
(٣) أي تقدر قيمتها.
(٤) والمعتبر عند التقويم هو سعر المبيع في السوق وقت الإخراج، لا سعر الشراء.
(٥) كل أنواع الزكاة، بصورة عامة، عند الشافعي، عينية، إلا زكاة التجارة فهي من القيمة.
(٦) أما العقارات المستعملة للسكن، أو المؤجرة من قبل المالك على سبيل المنفعة بإيجارها فليس عليها زكاة مهما كثرت.
(٧) المماكسة: أول مفاوضة على البيع، ولو لم يتم البيع.
(٨) الموطأ ج ١/ كتاب الزكاة باب ٩/٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>