للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- يجب صرف الزكاة إلى الموجودين من الأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل} (١) وإنما للحصر، فلا تصرف إلى غير ما ذكر، وهذا مجمع عليه، ولكن اختلف في استيعابهم، فعند السادة الشافعية يجب دفعها للأصناف الثمانية، إلا العامل فيجوز أن يكون واحداً إن حصلت الكفاية به، لكن في هذا عسر، لذا اختار بعض الشافعية جواز صرفها لواحد، ولا بأس بتقليده في زماننا هذا، وقال بعضهم: لو كان الشافعي حياً لأفتى به (٢) .

شرح الأصناف الثمانية:

-١ - الفقير: هو من لا مال له أصلاً، ولا كسب من حلال، أو له مال أو كسب دون أن يكفيه أيّ من ذلك، بأن كان أقل من نصف الكفاية، وتعتبر الكفاية بالنسبة للعمر الغالب، وهو اثنان وستون سنة (٣) . وإذا كان الشخص ذو الصفات السابقة يملك نصاباً فأكثر، فإنه يعطي زكاته، مع كونه هو أهلاً لأخذ زكاة غيره.

ويعتبر من حاجياته المطعم والمسكن والملبس وغيرها مما لا بد منه له ولمن عليه نفقته، ومما يليق بحاله من غير سرف ولا تقتير، وكذا الحاجيات التي أصبحت اليوم من الضروريات كالبرادة والغسالة وآلات طهي الطعام الحديثة، أما المذياع والتلفاز فليسا من الضروريات.

-٢ - المسكين: هو من له مال أو كسب، أو كلاهما معاً، مما يكفيه بمقدار خمسين إلى تسعين في المائة من حاجياته. وهكذا يكون المسكين أحسن حالاً من الفقير.

ويمنع الفقرَ والمسكنة كفايةُ الشخص بنفقة قريب أو زوج لانتفاء الحاجة عندئذ.

ولا يمنع الفقر أو المسكنة امتلاك الشخص لمسكن أو خادم، كذا الثياب ولو للتجميل، وكتب يحتاج إليها، ومال غائب عنه هو منه على بعد مرحلتين أو أكثر، أو مال مؤجل، وهنا يعطى الزكاة إن لم يجد من يقرضه ما يكفيه إلى أن يصل ماله أو يحل الأجل. وكذا لا يمنع من وصف المرأة بالفقر والمسكنة أنها تملك حلياً تتزين بها بحسب العرف.

ويعطى الفقير والمسكين من الزكاة، مقدار ما يخرجه من الحاجة إلى الكفاية على الدوام، كأن يعطى ثمن آلة ليشتغل عليها، إن كان قادراً على الكسب، إما إن كان عاجزاً عن الكسب فيعطى بمقدار ما يسد حاجته خلال سنة على أرجح الأقوال.

-٣ - العامل: ويشمل كل من استعمله الإمام لجباية الزكاة من جامع الزكاة والكاتب (٤) والقاسم (٥) والحاشر (٦) ، دون القاضي أو الوالي، ويجب أن يكون فقيهاً في الزكاة عالماً بأحكامها. وتُعطى الزكاة ولو كان غنياً على سبيل الأجرة، فيعطى بقدر أجر مثله، وذلك إذا لم تكن له أجرة مقدرة من قبل الإمام.

-٤ - المؤلفة قلوبهم: وهم أربعة أقسام، كلهم مسلمون (٧) :

- ١ - ضعيف الإيمان الذي أسلم حديثاً، فيعطى منها ليقوى إيمانه.

- ٢ - من أسلم وله شرف في قومه ويتوقع بإعطائه من الزكاة إسلام غيره من الكفار، فيعطى ولو كان قوي الإيمان.

- ٣ - مسلم قوي الإيمان يتوقع بإعطائه أن يكفينا شر من وراءه من الكفار.

- ٤ - مسلم يكفينا شر مانعي الزكاة.

-٥ - الرقاب: هم المكاتبون (٨) مكاتبة صحيحة، فيعطون ما يعينهم على العتق إن لم يكن معهم ما يفي بنجومهم (٩) . أما مكاتبو المزكي فلا يعطون من زكاته لعود الفائدة إليه من كون المعطى ملكه.

-٦ - الغارم (١٠) : وأقسامه ثلاثة:

-١- مدين لتسكين فتنة بين طائفتين، في قتيل لم يظهر قاتله، فيقضى دينه من سهم الغارمين، سواء كان غنياً أو فقيراً (١١) .

وكذلك لو استدان لمصلحة عامة كبناء جامع.

-٢- من استدان في مصلحة نفسه أو عياله (١٢) ، وصرف ذلك في مباح أو في معصية ثم تاب (١٣) .

-٣- من عليه دين بسبب ضمان لغيره، وكان معسراً هو والمضمون، إذا كان الضمان بإذنه، أما إن تبرع هو بالضمان دون إذن المضمون فيعطى متى أعسر هو ولو أيسر المضمون.

ويعطى الغارم من الزكاة ما يسد دينه.

-٧ - في سبيل الله: هم الغزاة الذكور المتطوعون بالجهاد، وليس لهم نصيب من المخصصات للغزاة في الدولة، فيعطون من الزكاة ولو كانوا أغنياء، إعانة لهم على الغزو، ويجب على كل منهم أن يرد ما أخذه إن لم يغر، وكذلك ما فضل بعد الغزو.

-٨ - ابن السبيل: هو من ينشئ سفراً من بلد الزكاة، أو يكون مجتازاً لها، فهذا يعطى من الزكاة ما يوصله إلى بلده أو ماله بشرط كونه محتاجاً عندئذ، وبشرط ألا يكون عاصياً بسفره، فلو سافر لمعصية لم يعط، وكذا الهائم في سفره دون هدف، فإنه لا يعطى أيضاً.


(١) التوبة: ٦٠.
(٢) وعند السادة الحنفية يجوز دفعها لصنف واحد ولفرد واحد، وعند مالك وابن حنبل رضي الله عنهما يجوز دفعها إلى ثلاثة فقراء أو ثلاثة مساكين.
(٣) يقوم بتوزيع المال، إن لم يتجر به، على العمر الغالب، فإن لم يسد نصف حاجياته، كأن يحتاج في اليوم إلى عشر ليرات ووجد بتوزيع ماله على غالب العمر أنه يصيبه أربع أي أقل من النصف فيعتبر عندئذ فقيراً.
(٤) الذي يكتب مقدار ما أعطاه أرباب الأموال.
(٥) الذي يقسم أموال الزكاة على المستحقين.
(٦) الذي يجمع المستحقين.
(٧) أما مؤلفة الكفار، وهم من يرجى إسلامهم أو يخاف شرهم، فلا يعطون من الزكاة.
(٨) المكاتب: عبد اشترى نفسه من سيده بأقساط.
(٩) أقساطهم.
(١٠) تطلق كلمة الغارم على المدين، والغريم على الدائن والمدين.
(١١) لكن لا يعطى الغارم إلا عند بقاء الدين عليه.
(١٢) حتى لو استدان بفائدة.
(١٣) أما إن يتب فلا يعطى من سهم الغارمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>