للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- حكمها: تجب على الورثة عن الميت من تركته، قبل توزيعها ولو بدون وصية، إذا كان المتوفى في حال حياته قد توفرت فيه شروط وجوب الحج إلا أنه لم يحج، وهذه الحجة تسقط الفريضة عن الميت، فإن لم يفعلوا ورثوا مالاً حراماً، وبقيت فريضة الحج عنه معلقة بذمتهم، ولو لم يوص بها المتوفى. وإن لم يكن له تركة سن لوليه أو لوارثه أن يحج عنه من ماله الخاص، كما يجوز للأجنبي أن يحج عنه (١) ، قياساً على قضاء الدين، لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: "إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال صلى الله عليه وسلم: (نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء) " (٢) .

أما الاستنابة في حجة النفل ففيها قولان: الأول أنها لا تصح إلا إذا أوصى بها المتوفى وإلا فلا، والثاني أنها تصح ولو لم يوصِ بها وهو المعتمد.

وتجب الاستنابة على من عجز عن الحج بنفسه، لكبر سن أو مرض مزمن لا يرجى برؤه، إن قدر عليه بماله أو بمن يطيعه، على ما تقدم. أما إن كان بينه وبين مكة دون مسافة القصر فيلزمه الحج بنفسه، ولا تصح الاستنابة، ما لم ينته لحالة لا يقدر معها على الحركة.

شروط المستناب: أن يكون أهلاً للحج، مسلماً، بالغاً، عاقلاً، حراً، ثقة، حج حجة الإسلام عن نفسه، ودليل ذلك ما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: "سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول لبيك عن شبرمة. قال: (من شبرمة؟) قال: أخ لي، أو قريب لي. قال: (حججت عن نفسك؟) قال: لا. قال: (حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) " (٣) .

أما نية المستناب فتكون بأن يقصد معنى قوله: نويت الحج أو العمرة عن فلان وأحرمت به لله تعالى.

ويشترط في المستناب إن كان مستأجرً أن يدخل بالحج إفراداً (٤) ما لم يسمح المستأجِر للمستأجَر أن يحج بأي شكل كان. أما إذا كان المستناب متبرعاً فيصح له أن يؤدي الحج أو العمرة بأي وجه كان لكن الإفراد أفضل لأنه وجه الكمال. ويسن ذكر اسم المستناب عنه عند القيام بأركان النسك، أما عند القيام بالنافلة -كطواف النافلة - فيجب ذكر اسم المستناب عنه.

أما المكان الذي يجب أن يحرم فيه المستناب عن الميت، فهو ميقات بلد الميت.


(١) ولو بدون إذن المتوفى أو إذن وليه.
(٢) البخاري ج ٢/ كتاب الإحصار وجزاء الصيد باب ٣٣/١٧٥٤.
(٣) أبو داود ج ٢/ كتاب المناسك باب ٢٦/١٨١١.
(٤) وهو أحد أوجه تأدية الحج والعمرة وأفضلها عند الشافعية، وهناك التمتع والقران أيضاً، وسيأتي بيانها في أوجه تأدية الحج والعمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>