للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- دليل فرضيته:

قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه) (١) تفسيراً للأمر القرآني بالحج، والمجمل إذا فسر يلتحق به التفسير، ويصير للتفسير حكم الأصل.

- مكان الوقوف:

عرفة كلها موقف، فيصح أداء الركن في أي موضع منها، إلا بطن وادي عُرْنة، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وقفت ههنا، وعرفة كلها موقف) (٢) . وحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أيضاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل عرفة موقف، وارتفعوا عن بطن عرفة) (٣) .

وحد عرفة: من الجبل المشرف على وادي عُرْنة إلى الجبال المقابلة له، إلى ما يلي منطقة البساتين المعروفة قديماً ببساتين بني عامر. ومسجد نَمِرَة ليس من عرفة.

والواجب في الوقوف أن يحضر المحرم بأرض عرفة. ويصح وقوفه حتى لو وقف على غصن شجرة فيها، أو على دابة، ولكن لا يصح بهوائها - كأن يكون في طائرة فوق أرض عرفة -، وليس المقصد خصوص الوقوف، بل مطلق الحضور، ولو كان نائماً أو ماراً في طلب آبق، أو هارباً، وإن لم يعرف كون الموضع عرفة، بشرط وجود نية الحج.

- زمن الوقوف:

يبدأ وقت الوقوف من زوال الشمس يوم عرفة - وهو التاسع من ذي الحجة -، ويستمر إلى طلوع الفجر الثاني يوم النحر، بدليل حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه صلى الله عليه وسلم أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له" (٤) ، وهو القائل صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني مناسككم) (٥) ، وحديث عبد الرحمن بن يَعْمَر الدَّيلي رضي الله عنه المتقدم: (من جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه) .

ويتحقق الفرض ببقائه لحظة في أرض عرفة خلال الوقت المذكور.

ولو وقف الحجاج في اليوم العاشر من ذي الحجة ظناً منهم أنه اليوم التاسع، بأن غم عليهم هلال ذي الحجة، أجزأهم وقوفهم هذا، بخلاف ما لو وقفوا في اليوم الثامن أو الحادي عشر خطأ فلا يجزئهم الوقوف.

ولا يشترط للوقوف الطهارة من الحدثين، فيصح من المحدث والجنب والحائض والنفساء، لما روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها لما حاضت: (افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) (٦)


(١) ابن ماجة ج ٢/ كتاب المناسك باب ٥٧/٣٠١٥ من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي رضي الله عنه، وليلة جمع: هي ليلة مزدلفة، لأنه يجمع فيها بين المغرب والعشاء، أو لاجتماع الحجاج فيها.
(٢) مسلم ج ٢/ كتاب الحج باب ٢٠/١٤٩، ويقصد بقوله ههنا: عند الصخرات حيث الجبل المسمى بجبل الرحمة.
(٣) ابن ماجة ج ٢/ كتاب المناسك باب ٥٥/٣٠١٢.
(٤) مسلم ج ٢/ كتاب الحج باب ١٩/١٤٧، والقصواء: هو لقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٥) البيهقي ج ٥/ ص ١٢٥.
(٦) البخاري ج ٢/ كتاب الحج باب ٨٠/١٥٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>