للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- والميقات لغة: الحد. وشرعاً: زمن العبادة ومكانها.

وميقات الحج الزماني: شوال وذو القعدة، وعشر ليال من ذي الحجة، آخرها طلوع فجر ليلة النحر. والدليل عليه قوله عز وجل: {الحج أشهر معلومات} (٢) . والمراد به وقت إحرام الحج، لأي لأن الحج لا يحتاج إلى أشهر. ولا يصح في سنة واحدة أكثر من حجة، لأي الوقت يستغرق أفعال الحجة الواحدة، فلا يمكن أداء حجة أخرى.

وإن أحرم بالحج في غير هذه الأشهر انعقد إحرامه عمرة، لأنها عبادة غير مؤقتة، وجميع السنة وقت للإحرام بها.

وأما الميقات المكاني للحج فيختلف باختلاف الجهة التي يأتي منها الحاج:

-١ - فالمقيم بمكة، مكياً كان أو غيره، يصلي ركعتين سنة الإحرام في المسجد الحرام، ثم يأتي داره فينوي الحج عند بابها وهو الأولى، وإلا ضمن بيته.

-٢- ومن كان في غير مكة يحرم بالحج من أحد المواقيت التالي بيانها:

(١) ذو الحُلَيفة (آبار علي) : وهو ميقات المتوجه من المدينة، ويبعد ٤٥٠ كم عن مكة، ويقع شمالها. وذو الحليفة ميقات أهل المدينة من زمن النبي صلى الله عليه وسلم وحتى هذا الزمن، فلم يتغير ميقاتها، ولا يجوز لأهل المدينة، ولا لمن يمر عليهم من أهل الشام وغيرهم أن يحرموا بحج أو عمرة بعد مجاوزة هذا الميقات، كالإحرام من رابغ، ومن فعل ذلك لزمه دم.

(٢) الجُحْفة: وهو ميقات الوارد من الشام ومصر والمغرب، تقع بين مكة والمدينة، وتبعد عن مكة ١٨٧ كم، وأبدلت الآن برابغ، لأن الجحفة أصبحت خراباً، وتبعد رابغ عن مكة ٢٠٤ كم.

(٣) يَلَمْلَم: وهو ميقات الوارد من تهامة اليمن، وهو جبل يقع جنوب مكة ويبعد عنها ٩٤ كم.

(٤) قَرْن: وهو ميقات الوارد من نجد الحجاز ونجد اليمن، ويقال له قرن المنازل، وهو جبل شرقي مكة، يطل على عرفات، ويبعد عن مكة ٩٤ كم.

(٥) ذات عِرْق: وهي ميقات الوارد من العراق، ومن الشرق بصورة عامة، وتبعد عن مكة ٩٤ كم، وهي في الشمال الشرقي من مكة.

-٣ - ومن سلك طريقاً لا ينتهي إلى ميقات أحرم من محاذاته براً أو بحراً، فإن حاذى ميقاتين أحرم من محاذاة أبعدهما عن مكة، وإن لم يحاذِ ميقاتاً أحرم على بعد مرحلتين من مكة.

ومن كان مسكنة أقرب إلى مكة من مرحلتين، أو بين مكة والميقات، أحرم من مسكنه. ودليل تحديد المواقيت حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هَنَّ لأهلهن، ولكل آت أتى عليهن من غيرهم ممن أراد الحج والعمرة، فمن كان دون ذلك، فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة" (٣) . وعن عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق" (٤) .

ومن جاوز ميقاتاً وهو غير مريد للنسك، ثم أراده، فميقاته موضعه، أو لو جاوز الميقات وهو مريد النسك ولكنه لم يحرم، لزمه العود إلى الميقات قبل تلبسه بنسك، ولو بعد إحرامه، فإن لم يعد، أو عاد بعد تلبسه بنسك لزمه دم، ولو فعل ذلك ناسياً أو جاهلاً.

والأفضل أن يحرم من أول الميقات ليقطع باقيه محرماً، إلا في ذي الحليفة، فالأفضل فيه أن يحرم من المسجد الذي أحرم منه الرسول صلى الله عليه وسلم هذا ويجوز للحاج أن يحرم من بلده، لكن الإحرام من الميقات أفضل.


(١) لم يفرق الشافعي بين الركن والواجب في سائر العبادات باستثناء الحج، فقد فرق بينهما فيه استناداً لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم حيث فرق بينهما في الحج.
(٢) البقرة: ١٩٧.
(٣) البخاري ج ٢/ كتاب الحج باب ١٢/١٤٥٧.
(٤) أبو داود ج ٢/ كتاب المناسك باب ٩/١٧٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>