للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- يسن لمن يريد الإحرام ما يلي:

-١-الغسل: لما روى خارجه بن زيد بن ثابت عن أبيه "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإِهلاله واغتسل" (١) . وهو سنة لكل محرم، صغير أو كبير، ذكر أو أنثى. كما يطلب من المرأة الحائض والنفساء حال الحيض والنفاس، فقد روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسماء بنت عميس رضي الله عنها لما ولدت: (اغتسلي واستثفري بثوب واحرمي) (٢) . والحكمة من هذا الغسل النظافة، لأن المحرم يستعد لعبادة يجتمع لها الناس، فيسن له الغسل، كما يسن لصلاة الجمعة، وإن عجز عن الغسل تيمم (٣) . ويستحب قبل الغسل أن يتنظف بقص الشارب وأخذ شعر الإبط والعانة والظفر، إلا في عشر ذي الحجة

لمريد التضحية.

-٢- تطيب البدن: ودليله حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" (٤) . ولا بأس باستدامة أثره بعد الإحرام.

ولا يسن تطيب الثياب، لأنه إذا نزعها ثم أغتسل وأحرم، فإذا طرحها على بدنه وفيها الطيب، أثناء الإحرام، وجبت عليه الفدية.

-٣- يسن للمرأة تخضيب اليدين إلى الكوعين (٥) بالحناء، ومسح وجهها بشيء منه لإخفاء لون البشرة وتخفيف الفتنة.

-٤- يسن للرجل لبس إزار ورداء ونعلين، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين" (٦) . ويسن أن يكون الإزار والرداء أبيضين لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم) (٧) . وأن يكونا جديدين، فإن لم يكونا جديدين فمغسولين.

-٥- أن يصلي في غير وقت الحرمة ركعتين للإحرام، ثم يحرم بعدهما مستقبلاً القبلة عند ابتداء سيره، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين" (٨) . وتجزئ المكتوبة عنها باتفاق أئمة المذاهب الأربعة، كتحية المسجد، ويسن أن يقرأ في الأولى سورة الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص.

-٦- تسن التلبية: والأفضل عقب صلاة الإحرام بالحج أو العمرة، وإن لبى بعد الركوب جاز، لما رُوي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أهل النبي صلى الله عليه وسلم حين استوت به راحلته قائمة" (٩) . وورد أنه لبى عقب الصلاة، ولبى بعد الركوب، وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الحج أفضل؟ قال: (العج والثلج) " (١٠) . وروي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من محرم يَضْحي لله يومَه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت بذنوبه فعاد كما ولدته أمه) (١١) . ويرفع الرجل صوته بها إلا الأولى فيسرها ندباً، لما روى خلاد بن السائب بن خلاد عن أبيه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية (١٢) . أما المرأة فتسمع نفسها فقط، ويكره لها الجهر. ويستحب أن يكثر في التلبية في كل صعود وهبوط، وفي أدبار الصلوات، وإقبال الليل والنهار، ويستمر بها إلى رمي جمرة العقبة، لما روي عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال: "أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة" (١٣) . وتستحب التلبية في مسجد الخَيْف بمنى، ومسجد إبراهيم بعرفات، لأنها مواضع نسك، وفي سائر المساجد كذلك. وصيغة التلبية ما ورد في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لبيك اللهم لبيك لبيكَ لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك) (١٤) . ولا بأس بزيادة قوله: لبيك وسعديك، والخير كله بيديك، والرغباء إليك والعمل، ويكرر التلبية ثلاثاً، ثم يصلي عل النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأل الله تعلى الرضا والجنة، بأن يقول: اللهم إني أسألك رضاك والجنة"، ويستعيذ من النار بقوله: "اللهم إني أعوذ بك من سخطك ومن النار"، ثم يدعو بما أحب، للدنيا والآخرة. وإذا رأى المحرم شيئاً يعجبه أو يكرهه قال: "لبيك إن العيش عيش الآخرة ". ويستحب ألا يتكلم أثناء التلبية بأمر أو نهي أو غيرهما، إلا أن يرد السلام على من سلم عليه.

ويستحب للمحرم دخول مكة قبل الوقوف بعرفة، من أعلاها، نهاراً، ماشياً، وإذا دخلها ورأى الكعبة قال ندباً: "اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتكريماً وتعظيماً ومهابة، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه واعتمره تشريفاً وتعظيماً وبراً. اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام". ويستحب أن يدخل الحرم من باب السلام، ثم يبدأ طواف القدوم، إلا لعذر.


(١) الترمذي ج ٣/ كتاب الحج باب ١٦/٨٣٠.
(٢) مسلم ج ٢/ كتاب الحج باب ١٩/١٤٧، والاستثفار: هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها.
(٣) يقوم الوضوء مقام الغسل عند السادة الحنفية
(٤) مسلم ج ٢/ كتاب الحج باب ٧/٣٣.
(٥) الكوع هو العظم الذي يلي إبهام اليد.
(٦) مسند الإمام أحمد ج ٢/ ص ٣٤.
(٧) الترمذي ج ٣ / كتاب الجنائز باب ١٨/٩٩٤.
(٨) مسلم ج ٢ / كتاب الحج باب ٣/٢١.
(٩) البخاري ج ٢/ كتاب الحج باب ٢٧/١٤٧٧.
(١٠) الترمذي ج ٣ / كتاب الحج باب ١٤/٨٢٧، والعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: نحر البُدن - الإبل -.
(١١) ابن ماجة ج ٢/ كتاب المناسك باب ١٧/٢٩٢٥.
(١٢) الترمذي ج ٣/ كتاب الحج باب ١٥/٨٢٩.
(١٣) الترمذي ج ٣/ كتاب الحج باب ٧٨/٩١٨.
(١٤) البخاري ج ٢ / كتاب الحج باب ٢٥/١٤٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>