للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-١ - تسن النية في طواف النسك، ويقول: اللهم إني أريد طواف بيتك الحرام فيسره لي وتقبله مني، نويت سبعة أشواط طواف الحج أو طواف العمرة.

-٢ - أن يستقبل البيت أول طوافه، فيقف مستقبل الحجر الأسود، بأن يجعل منكبه الأيمن عند طرف الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني وينوي الطواف، ثم يمر مستقبلاً، محاذياً ببدنه الحجر الأسود، إلى أن يصير طرف الحجر الذي إلى جهة باب الكعبة محاذياً منكبه الأيسر، ثم ينفتل جاعلاً البيت عن يساره، متوجهاً إلى جهة الباب، وهذه السنة لا يمكن تطبيقها إلا حال فراغ المطاف، أما في الازدحام فلا يمكن.

-٣ - أن يستلم الحجر الأسود بيده في ابتداء الطواف، وذلك بأن يضع كفيه عليه ثم يسجد عليه واضعاً جبهته عليه وفمه بين كفيه ويقبله، ويستحب أن يكرر السجود ثلاثاً فإن عجز عن الثلاث فعلى ما أمكن. ويسن استلامه في بداية كل طوفة، وبعد صلاة ركعتي الطواف أيضاً، إذا تمكن. وإن لم يتمكن من الاستلام، اقتصر على الإشارة بيده أو بعصا، عن بعد، ثم يقبل ما أشار به إليه. كما يسن استلام الركن اليماني دون تقبيله، ولا يسن استلام الركنين الشامي والعراقي ولا تقبيلهما، ودليله ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: "قبل عمر بن الخطاب الحجر، ثم قال أمَ والله لقد علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك" (١) . وأخرج أبو داود والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة، قال وكان عبد الله بن عمر يفعله" (٢) . وعن ابن عمر رضي الله عنهما أيضاً، قال: "ما تركت استلام هذين الركنين، اليماني والحجر، مذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما" (٣) .

ويسن أن يقول عند استلام الحجر الأسود في كل طوفة، وخاصة في الأولى: "بسم الله والله أكبر ولله الحمد، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم".

ولا يسن للنساء استلام ولا تقبيل إلا عند خلو المطاف، في الليل أو غيره.

-٤ - أن يطوف ماشياً، إلا لعذر من مرض أو نحوه، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: "شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي. فقال: (طوفي من وراء الناس وأنت راكبة) " (٤) . وقالوا بجواز الطواف راكباً بلا عذر، لحديث جابر رضي الله عنه قال: "طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت في حجة الوداع على راحلته يستلم الحَجَر بِمحْجَنِه لأن يراه الناس وليشرف وليسألوه فإن الناس غَشُوه" (٥) . وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن" (٦) .

-٥ - يسن الرمل (٧) للرجل في الطوفات الثلاث إذا أعقب الطواف سعي مطلوب، ويسن المشي الهِينْة في الأربع الأخيرة، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة وقد وهنتهم حمى يثرب. قال المشركون: إنه يقدم عليكم غداً قوم قد وهنتهم الحمى ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحِجْر، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرموا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون جَلدهم، هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم؟ هؤلاء أجلد من كذا وكذا" (٨) . ولما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحَجر ثلاثاً ومشى أربعاً" (٩) . ويسن أن يقول أثناء الرمل: "اللهم اجعله حجاً مبروراً - أو عمرة مبرورة - وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً، وتجارة لن تبور، يا عزيز يا غفور " ويقول في الأربعة الباقية: "رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار".

-٦ - يسن الاضطباع للرجل والصبي، في طواف يسن فيه الرمل، فقط، وذلك بأن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه تحت عاتقه الأيسر، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا البيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم قد قذفوها على عواتقهم اليسرى" (١٠) . والاضطباع يعم جميع الطوفات بينما يقتصر في الرمل على الثلاث الأول منها. ولا يسن الاضطجاع في ركعتي الطواف لكراهته في الطواف.

أما المرأة لفلا ترمل ولا تضطبع.

-٧ - الاقتراب من البيت للرجل، لأنه أيسر في الاستلام والتقبيل أما إن أدى الاقتراب إلى تأذيه أو تأذي غيره فالبعد أولى.

-٨ - يسن عدم الكلام إلا في خير، كتعلم جاهل ونحوه. لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من طاف بالبيت سبعاً، ولا يتكلم إلا بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، محيت عنه عشر سيئات وكتبت له عشر حسنات، ورفع له عشرة درجات) (١١) .

ويكره في الطواف الأكل والشرب ووضع اليد في فيه بلا حاجة، وأن يشبك بين أصابعه أو يفرقعها، وليكن طوافه بحضور قلب ولزوم أدب.

-٩ - أن يقول (١٢) قبالة باب الكعبة: "اللهم البيت بيتك، والحرم حرمك، والأمن أمنك، وهذا مقام العائذ بك من النار" مشيراً بهذا إلى مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام.

وعند الركن العراقي: "اللهم إني أعوز بك من الشك والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، وسوء المنقلب في الأهل والمال والولد".

وتحت الميزاب: "اللهم أظلني في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك، واسقني بكأس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة مريئة لا أظمأ بعدها أبداً يا ذا الجلال والإكرام".

وبين الركنين الشامي واليماني: "اللهم اجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وعملاً مقبولاً وتجارة لن تبور، يا عزيز، يا غفور".

وبين الركنين اليمانيين: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".

ويسن الإكثار من الدعاء، ورفع الأيدي في كل طوافة، وخاصة عند رؤية الكعبة، ومأثور الدعاء أفضل، فالقراءة، فغير المأثور، ويسن الإسرار بذلك.

-١٠ - الموالاة بين الطوفات، وإن عضت له حاجة لا بد منها قطع الطواف، فإذا فرغ بنى على ما مضى، لما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يطوف بالبيت، فلما أقيمت الصلاة صلى مع الأمام ثم بنى على طوافه (١٣) . وإن أحدث في الطواف توضأ وبنى، وإذا حضرت جنازة وهو في الطواف فالأولى إتمام الطواف.

-١١ - أن يصلي بعد كل طواف، فرضاً كان أو واجباً أو نفلاً ركعتين، يقرأ في الأولى: سورة الكافرون، وفي الثانية سورة الإخلاص، ويجهر بهما إن فعلهما ليلاً أو بعد الفجر وقبل طلوع الشمس، ويسر فيما عدا ذلك. والأفضل أن يصليهما خلف مقام سيدنا إبراهيم، وإلا ففي حجر سيدنا إسماعيل، وإلا في أي مكان من المسجد، وإلا في حرم مكة، وإلا حيث شاء ومتى شاء، ولا تفوتان إلا بموته، وتجزئ عنها الفريضة أو نافلة أخرى. ويسن أن يدعو بعدهما بدعاء آدم عليه السلام: "اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي، فأقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي، اللهم إني أسألك إيماناُ يباشر قلبي، ويقيناً صادقاً حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتب لي، ورضني بما قسمت لي".

وإذا فرغ من الصلاة يستحب أن يعود إلى الحجر الأسود فيستلمه ثم يخرج من باب الصفا للسعي.


(١) مسلم ج ٢/ كتاب الحج باب ٤١/٢٤٨.
(٢) أبو داود ج ٢/ كتاب المناسك باب ٤٨/١٨٧٦.
(٣) مسلم ج ٢/كتاب الحج باب ٤٠/٢٤٥.
(٤) البخاري ج ٢/كتاب الحج باب ٦٣/١٥٤٠.
(٥) مسلم ج ٢/ كتاب الحج باب ٤٢/٢٥٤، والمحجن: عود معقوف الرأس يكون مع الراكب يحرك به راحلته. وغشوه: أي ازدحموا عليه وكثروا.
(٦) البخاري ج ٢/ كتاب الحج باب ٥٧/١٥٣٠.
(٧) وهو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى، دون الوثوب والعدو.
(٨) مسلم ج ٢/ كتاب الحج باب ٣٩/٢٤٠، والجَلَد: الصلابة.
(٩) مسلم ج ٢/ كتاب الحج باب ٣٩/٢٣٣.
(١٠) أبو داود ج ٢/كتاب المناسك باب ٥٠/١٨٨٤.
(١١) ابن ماجة ج ٢/ كتاب المناسك باب ٣٢/٢٩٥٧.
(١٢) أكثر أدعية الحج المأثورة لم يصح عن النبي صلى الله غليه وسلم، وإنما أحبها السلف الصالح، ورويت عن كثير من العلماء والصالحين، فيستحب أن يُدعا بها.
(١٣) انظر فتح الباري ج ٢/ كتاب الحج باب ٦٨/ص ٤٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>