للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أوجه تأدية الحج والعمرة ثلاثة:

-١ - الإِفراد: وهو أن يقدم الحج على العمرة، وسمي بذلك لإِفراد كل منهما بإحرام وعمل.

-٢ - التمتع: وهو أن يقدم العمرة على الحج، وسمي بذلك لتمتعه بمحظورات الإِحرام بين النسكين.

-٣ - القران: وهو أن يحرم بهما معاً، أو بالعمرة ثم يدخل عيها الإحرام بالحج قبل شروعه في أعمالها، وسمي بذلك لقرنه بينهما. وهنا تكون أفعال الحج هي نفسها أفعال العمرة، طواف الإفاضة هو طوافها، وسعي الحج سعيها.

والدليل على جواز هذه الأوجه الثلاثة حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج" (١) .

وأفضل هذه الوجوه الإِفراد، لأنها صفة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم التمتع، ثم القران.

ويكون الإِفراد بأن يحرم بالحج ويأتي بكل أعماله، ثم يتحلل منه، ثم يحرم ثانية بالعمرة، وذلك بأن يخرج من مكة إلى أدنى الحل ولو بخطوة، ويحرم من هناك، أما لو عكس بحيث أحرم أولاً بالعمرة، وبعد تمام فعلها وتحلله منها، أحرم بالحج من مكة، فهذا لا يسمى إفراداً بل تمتعاً. وفي التمتع يفوت الإحرام بالحج من ميقات بلده، لذا يجب عليه دم. كما يتمتع المتمتع بمحظورات الإِحرام فيما بين التحلل من العمرة ووقت الحج. أما في القران فيفوت الإِحرام بالعمرة من ميقاتها، لأن القارن يحرم بالحج والعمرة معاً من ميقات واحد، كما تفوت أعمال العمرة كلها، لذلك يجب عليه دم أيضاً. ووجوب الدم على المتمتع والقارن دليل على أفضلية الإِفراد على التمتع والقران، إذ أن الجبر بالدم دليل النقص.

ويشترط لتحقق الدم على المتمتع:

-١ - ألا يكون من أهل الحرم، ولا بينه وبين الحرم دون مسافة القصر، لقوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة، ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب} (٢) .

وكذلك من توطن في الحرم أو قريباً منه فحكمه حكم أهله في عدم الدم.

-٢ - أن يكون قد أحرم بالعمرة في أشهر الحج، أما إن أحرم بها في غير أشهره ثم حج فلا يلزمه دم.

-٣ - أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة؛ أي الإِحرام بالعمرة ثم الحج.

-٤ - ألا يرجع إلى ميقات. فلا دم على من اعتمر، ثم رجع إلى ميقات عمرته أو إلى مثل مسافته، أو إلى ميقات آخر، وإن كان دون مسافة ميقاته، سواء عاد محرماً، أو حلالاً وأحرم منه، بشرط أن يعود إلى الميقات قبل تلبسه بنسك، لأن المقتضي لإيجاب الدم هو ترك الميقات وهذا زال بعوده إليه.

أما تحقق الدم على القارن فله شرطان:

-١ - ألا يكون من أهل الحرم.

-٢ - ألا يعود إلى الميقات بعد دخوله مكة وقبل التلبس بعمل من النسك، أي قبل أن يبدأ بخطوة من الطواف.


(١) البخاري ج ٢ / كتاب الحج باب ٣٣/١٤٨٧.
(٢) البقرة: ١٩٦، والحاضر: القريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>