للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- يفوت الحج بفوات الوقوف بعرفة، سواء كان من فاته معذوراً أم لا، وإنما لا يأثم الأول، ويأثم الثاني. ويكون الفوات بطلوع فجر النحر قبل حضوره عرفة. ويترتب على من فاته الوقوف بعرفة:

-١ - أن يتحلل وجوباً بأعمال عمرة، بنية التحلل لا بنية العمرة، عند كل عمل منها، سواء في الطواف أو السعي أو الحلق، فإذا كان قد سعى بعد طواف القدوم أجزأه ذلك، وأما طواف القدوم فلا يجزئ عن طواف عمرة التحلل، كما لا تجزئه العمرة عن عمرة الإسلام لما روى الأسود قال: "سألت عمر رضي الله عنه عن رجل فاته الحج، قال: يهل بعمرة، وعليه الحج من قابل" (١) ، وفي رواية عن إدريس الأودي عنه: "فقال ويهرق دماً" (٢) . ولا يجب الرمي والمبيت لأنهما من توابع الوقوف بعرفة

-٢ - يجب عليه القضاء الفوري في العام المقبل، سواء كان النسك الذي فاته فرضاً أم نفلاً. أما إذا كان الفوات بسبب الإحصار فليس عليه قضاء كما تقدم. وإذا لم يتيسر له القضاء بقي في ذمته إلى أن يقضيه.

-٣ - يجب عليه دم في حجة القضاء كدم التمتع.

هذا كله فيمن أحرم بالحج وحده وفاته، أما من أحرم بالعمرة فلا يتصور فواتها لأن جميع الزمان وقت لها، وأما من أحرم متمتعاً، وفرغ من العمرة، ثم أحرم بالحج ففاته فيلزمه قضاء الحج دون العمرة، ويسقط عنه دم التمتع لأن شرط التمتع وجود حجته في سنة عمرته المؤداة في أشهر الحج، وقد فات الحج. وأما من أحرم بالحج والعمرة قارناً ففاته الوقوف، فإن العمرة تفوت بفوات الحج، لأنها مندرجة فيه، ولأنه إحرام واحد فلا يتبعض، وعليه القضاء قارناً، ويلزمه ثلاثة دماء (٣) ، فإن قضى مفرداً أجزأه ذلك ويسقط عنه الدم الثالث.

أما من فاته ركن من أركان الحج غير الوقوف، فلا يحل إحرامه حتى يأتي بالركن المتروك، ولا يجبر شيء من الأركان بالدم، بل لابد من فعله، ولا آخر لوقت هذه الأركان - الطواف والسعي والحلق -، ولا يختص الحلق بمنى والحرم، بل يجوز في الوطن وغيره. ولا فرق بين من فاته عمداً أو سهواً أو جهلاً، ومن تركه بعذر، كالحائض قبل طواف الإفاضة، فهذه لها الرحيل إن خافت التخلف عن القافلة، وهي من بلدة بعيدة، وإذا وصلت إلى محل يتعذر عليها الرجوع منه إلى مكة جاز لها أن تحلل كالمحصر بذبح، فإزالة الشعر، مع نية التحلل، ويبقى الطواف في ذمتها ولا يتقيد قضاؤه بوقت بل يصح في أي وقت من أوقات السنة، كما أنه لا يحتاج إلى إِحرام.

أما إن كانت من أهل مكة أو قريبة منها فعليها مصابرة الإِحرام حتى تأتي بالطواف، ولو طال الزمن، وتحرم عليها محرمات الإِحرام (٤) .

وأما من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة، سواء وقع الترك عمداً أم سهواً أم جهلاً، أو فعل محرماً من محرمات الإِحرام، فيلزمه دم، أي يجبر بالدم، ولا يتوقف حجه أو عمرته عليه، والعامد يأثم وغيره لا يأثم.

ومن ترك سنة من سنن الحج أو العمرة فلا يلزمه بتركها شيء، ولا يتوقف حجه أو عمرته عليها، وقد يندب لتركها دم، كسنة الجمع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة


(١) و (٢) البيهقي ج ٥/ص ١٧٥.
(٣) دم الفوات، ودم القران الفائت، ودم ثالث للقران الذي أتى به في القضاء.
(٤) للحائض أن تقلد مذهب الإمام أبي حنيفة، فتطوف أثناء الحيض، وتذبح بدنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>