للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحكام المتعلقة بالأذان الثاني (الأذان الذي بين يدي الخطيب) (١) وبحضور الجمعة:

-١- يجب السعي لصلاة الجمعة إذا نودي لها بالأذان الثاني الذي بين يدي الخطيب، ويحرم البيع لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم ⦗٢٩٠⦘ الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) ، ولا ينعقد البيع على من تجب عليهم الجمعة، فإن كان أحد المتعاقدين ممن تجب عليه والآخر لا تجب عليه فإنه يحرم عليهما معاً، وذلك لأن من لا تجب عليه أعان من تجب عليه على المعصية. وهذا يدل على عدم التحريم قبل الأذان.

-٢- يكره تخطي الرقاب إذا دخل المسجد، إلا إن كان إماماً ولم يجد طريقاً غيره، أو لسد فرجة.. وإن ازدحم الناس في المسجد وفي داخله اتساع فلم يجد الداخل لنفسه موضعاً، فعلم أنهم إذا قاموا تقدموا، جلس حتى يقوموا، وإن لم يرجُ ذلك فله تخطيهم. ولا يقيم أحداً غيره ويجلس مكانه، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ويجلس فيه) (٢) . ولو قدَّم رجل غلامه فجلس في موضع ثم جاء هو فقام الغلام وجلس مكانه فلا بأس به، وروي أن ابن سيرين كان يفعله. وإن فرش له مصلى لم يكن لغيره الجلوس عليه، ولا يجوز لغيره رفعه إلا إذا حضرت الصلاة، وهناك وجه آخر أنه يجوز، لكن المعتمد هو الأول.

وإن قام الجالس من موضعه لحاجة ثم عاد إليه فهو أحق به، لما روى وهب بن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الرجل أحق بمجلسه، وإن خرج لحاجته ثم عاد فهو أحق بمجلسه) (٣) .

-٣- يستحب الدنو من الإِمام، لحديث أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل يوم الجمعة وغَسَّلّ، وبكرّ وابتكر، ودنا واستمع وأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة، صيامها وقيامها) (٤) . ⦗٢٩١⦘

-٤- يسن لمن حضر قبل الخطبة الاشتغال بالتنفل أو ذكر الله وقراءة القرآن، وأن يكثر من الدعاء لعله يوافق ساعة الإجابة، حتى يجلس الإِمام على المنبر. ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين يوجز فيهما، لما روى جابر رضي الله عنه قال: (دخل رجل المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة. قال: أصليت؟ قال: لا. قال: قم فصلِّ) (٥) ، وفي رواية أخرى عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فليركع ركعتين وليتجوز فيهما) (٦) .

-٥- يحرم الكلام أثناء الخطبة للحاضر (السامع وغيره) ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب فقد لغوت) (٧) ، أما البعيد فيذكر الله ويقرأ القرآن سراً. ومن سأله الإِمام عن شيء فعليه إجابته، لحديث جابر رضي الله عنه المتقدم: (قال: أصليت؟ قال: لا..) . ولا يُشمَّت العاطس ولا يُعطى السائل والإمام يخطب، ولكن لا بأس بشرب الماء لمن لم يسمع الخطبة.

ولا يحرم الكلام على الخاطب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكلم، وسأل عمر عثمانَ: أية ساعة هذه وهو في الخطبة. ⦗٢٩٢⦘


(١) الأذان الأول لدخول الوقت، والثاني بين يدي الخطيب قبل الخطبة، والأذان الثالث لإقامة الصلاة.
(٢) مسند الإِمام أحمد: ج-٢ /ص ٢٢.
(٣) الترمذي: ج-٥ /كتاب الأدب باب ١٠/٢٧٥١.
(٤) الترمذي: ج-٢ / الصلاة باب ٣٥٦/٤٩٦.
(٥) مسلم: ج-٢/ كتاب الجمعة باب ١٤/٥٥.
(٦) مسلم: ج-٢/ الجمعة باب ١٤/٥٩.
(٧) مسلم: ج-٢/ الجمعة باب ٣/١١.

<<  <   >  >>