للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنن الطواف:

أن يستلم الحجر الأسود بيده في ابتداء الطواف، ويقبله، لما روى سالم أن أباه حدثه قال: (قبّل عمر بن الخطاب الحجر. ثم قال: أمَ والله! لقد ⦗٤٤٠⦘ علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) (١) . فإن لم يمكنه تقبيله أستلمه وقبّل يده، لما روى نافع قال: (رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده. ثم قبّل يده. وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله) (٢) . ويسن استلامه في بداية كل طوفة، فإن لم يتمكن من استلامه بيده، اقتصر على استلامه بعصا ونحوها، ثم يقبل ما استلمه به، لما روى أبو الطفيل رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن) (٣) ، فإن لم يتمكن من استلامه بشيء أشار إليه بيده أو بشيء، عن بعد، ولا يقبله.

أما المرأة فلا يستحب لها مزاحمة الرجال لا ستلام الحجر بل تشير بيدها إليه، قال عطاء: (كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجزة من الرجال لا تخالطهم) (٤) .

ويستحب أن يقول عند استلامه: "بسم الله والله أكبر. اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك، وإتباعاً لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم" (٥) .

-٢- ين استلام الركن اليماني بيده اليمنى دوت تقبله، لما روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (ما تركت استلام هذين الركنين، اليماني والحجر، مذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما، في شدة ولا رخاء) (٦) . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (وكل بالركن اليماني سبعون ملكاً. فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. قالوا: آمين) (٧) . ⦗٤٤١⦘

ويسن أن يقول بين الركنين: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"، لما روى عبد الله بن سائب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين الركنين: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) (٨) . وفي باقي الطواف يقول: "اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً. رب اغفر وارحم. واعف عما تعلم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم". ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوا بما أحب. ولا بأس بقراءة القرآن في الطواف لأنه صلاة والصلاة محل القرآن.

ولا يسن في الطواف استلام الركنين الشامي والعراقي.

-٣- أن يطوف ماشياً، بناء على الرواية الثانية، إلا لعذر من مرض أو نحوه، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: (شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي. فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة) (٩) .

-٤- يسن الاضطباع للرجل والصبي، في طواف يسن فيه الرمل فقط، وذلك بأن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن ويتركه مكشوفاً ويرد طرفيه على منكبه الأيسر، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجِعرانة فرَمَلوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم قد قذفوها على عواتقهم اليسرى) (١٠) . ولا يسن الاضطباع في ركعتي الطواف لكراهته في الصلاة.

-٥- يسن الرمل (١١) للرجل فقط في الطوفات الثلاثة الأولى إذا أعقب الطواف سعي مطلوب، وأن يقول أثناء الرمل: اللهم اجعله حجاً مبروراً - أو عمرة مبرورة - وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً، وتجارة لن تبور، يا عزيز ويا غفور". ⦗٤٤٢⦘

أما المرأة فلا ترمل ولا تضطبع، لأن الرمل شرط في الأصل لإظهار الجد والقوة ولا يقصد ذلك من المرأة، ولذلك لا يسن الرمل في حق المكي ومن جرى مجراه، وقال بعض أهل العلم: "ليس على أهل مكة رمل ولا على من أحرم منها" (١٢) .

-٦- الدنو من البيت للرجل فقط، لأنه أيسر في الاستلام والتقبيل، أما إذا أدى الاقتراب إلى تأذيه أو تأذي غيره فالبعد أولى.

-٧- الإكثار من الدعاء، ورفع الأيدي في جميع الطواف، وخاصة حين رؤية الكعبة، ومأثور الدعاء أفضل، فالقراءة، فغير المأثور، ويسن الإِسرار بذلك.

-٨- أن يصلي بعد كل سبعة أشواط ركعتين سنة الطواف، سواء كان الطواف فرضاً أم واجباً أم نفلاً. وإن صلى المكتوبة بعد طوافه أجزأته عنهما، وإن جمع بين الأسابيع وصلّى لكل أسبوع ركعتين جاز، لأن عائشة والمسوّر بن مخرمة رضي الله عنهما فعلا ذلك، ولا تجب الموالاة بينهما.

وتسن صلاة الركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام وتصح في أي موضع آخر، ويسن أن يقرأ فيهما: (قل يا أيها الكافرون) و (الإخلاص) ، لما روي عن جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت سبعاً، فرمل من الحجر الأسود ثلاثاً ثم صلى ركعتين قرأ فيهما: قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد) (١٣) .

-٩- يستحب أن يدع الحديث كله إلا ذكر الله وقراءة القرآن أو دعاء أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدّم عند الترمذي: (الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير) .


(١) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٤١ / ٢٤٨.
(٢) مسلم: ج ٢ / الحج باب ٤٠ / ٢٤٦.
(٣) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٤٢ / ٢٥٧، والمحجن: القضيب.
(٤) البيهقي: ج-٥/ ص ٧٨.
(٥) البيهقي: ج-٥/ ص ٧٩.
(٦) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٤٠ / ٢٤٥.
(٧) مسند الإِمام أحمد: ج-٢ /ص ٣٥٣ (الهامش أي منتخب كنز العمال) .
(٨) أبو داود: ج ٢ / كتاب المناسك باب ٥٢ / ١٨٩٢.
(٩) البخاري: ج-٢/ كتاب الحج باب ٧٣/١٥٥٢.
(١٠) أبو داود: ج-٢ / كتاب المناسك باب ٥٠/ ١٨٨٤.
(١١) وهو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطا، دون الوثوب والعدو.
(١٢) الترمذي: ج-٣/ كتاب الحج باب ٣٤.
(١٣) البيهقي: ج-٥/ ص ٩١.

<<  <   >  >>