للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن النافية:

لَكَ فِيها ثلاثَةُ أوْجُه:

(أحدها) أنْ تقول: "إن زيدٌ قائمٌ" و "أنْ أقومُ مَعَك" تريد: ما زيدٌ قائم، وما أقُومُ مَعَك. قال الله تعالى: {قُلْ إنْ أدْرِي أقَرِيبٌ ما تُوعَدُون} (الآية "٢٥" من سورة الجن "٧٢") أي: ما أدْرِي. وقال تعالى: {إنْ عِنْدَكُمْ من سُلْطَانٍ بِهَذَا} (الآية "٦٨" من سورة يونس "١٠") ، أي: ما عندكُم، وقال تعالى: {وَلَقد مَكنَّاهُمْ فِيما إنْ مَكَنَّاكُم فيهِ} (الآية "٢٦" من سورة الأحقاف "٤٦") . أي: في الذي لَمْ نُمَكِّنْكُمْ فيه. وقال تعالَى: {وَلَئِنْ زَالَتا إنْ أمْسَكَهُمَا مِنْ أحَدٍ مِنْ بَعْدِه} (الآية "٤١" من سورة فاطر "٣٥") . واجتمع في هذه الآية إنْ الشرطية والنافية) يُرِيدُ: مَا يُمسِكُهُما أحدٌ.

(الوجه الثاني) أنْ تَدخل إلاَّ في الخبر فتقول: "إنْ خالدٌ إلاَّ مُسَافِرٌ" وفي الفاعل" إن قَدِم إلاَّ عَمْرٌو" و "أنْ يَبْقَى إلاَّ مُحَمَّدٌ" تريدُ: ما خَالِدٌ إلّا مُسَافِرٌ، وما قَدِم إلّا عَمْروٌ، وما يَبْقَى إلاَّ مُحمَّدٌ.

قال الله تعالى: {إنِ الكافِرُون إلاَّ في غُرُور} (الآية "٢٠" من سورة الملك "٦٧") أي مَا الكَافِرُون. ومثلُه {إنْ أمهَّاتُهم إلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهم} (الآية "٢" من سورة المجادلة "٥٨") ، {إنْ هُوَ إلاَّ نَذِيرٌ مُبِين} (الآية "١٨٤" من سورة الأعراف "٧") .

(الوجه الثالث) أنْ تدخُلَ "لَمَّا" بتَشْدِيد المِيم، موضعَ إلاَّ وتكونُ بمعناها كقولك: "إنْ عمروٌ لمَّا مُقبلٌ" تريد: ما عمروٌ إلاَّ مُقبلٌ. قال الله تعالى: {إنْ كلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حَافِظٌ} (الآية "٤" من سورة الطارق "٨٦") . {وإن كلٍّ لَمَّا جَميعٌ لَدَيَنْا مُحْضَرون} (الآية "٣٢" من سورة يس "٣٦") وكان سيبويه لا يَرَى فيها إلّا رفْعَ الخبر لأنها حرف نفي دخل على ابْتِداءٍ وخَبَر كما تَدخُل الِفُ الاستِفهام فلا تُغَيِّره، وأجاز الكسائي والمُبَرّدٌ والكُوفيُّون أن تَعْمَلَ "إن" النافية عَمَل ليسَ إذا دَخَلتْ على الجُمْلَةِ الاسْمِيَّة، واسْتَشْهدوا على ذلك بقول أهل العالية: "إنْ أحَدٌ خَيْراً مِنْ أحدٍ إلاَّ بالعافية" وقولُ الشاعر:

إنْ هُوَ مُسْتَولياً على أحدٍ ... إلاَّ أضْعَفٍ المَجَانِينٍ

وقَرَأَ سعيد بن جبير: {إنِ الذينَ تَدْعُونَ من دُونِ الله عِبَاداً أَمْثَالُكُم} (الآية "١٩٣" من سورة الأعراف "٧") بِنُونٍ مُخَفَّفَةٍ مَكْسورَةٍ، ولا يُشْتَرَطُ في مَعْمُولَيْها أنْ يكُونا نكِرتين كما في "ما" الحجازية.

<<  <  ج: ص:  >  >>