أنَّ:
من أَخَوَاتِ "إن" وتَشْترِكُ مَعها بأحْكَامٍ: (=إنَّ وأخواتها) وتختصُّ بأَنها تُؤوَّلُ معَ ما بَعْدَها بمَصْدر، وذلكَ حَيْثُ يَسُدُّ المَصْدَرُ مَسَدَّها ومَسَدَّ مَعْمُولَيْها. وَمَوَاضِعُ فَتحِ هَمْزَتِها ثَمَانِيَة وهي أنْ تكونَ:
(١) فَاعِلَةً نحو: {أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} (الآية "٥١" من سورة العنكبوت "٢٩") أَيْ إنْزَالُنا.
(٢) نَائِبةَ عنِ الفاعل نحو: {قُلْ أُوحِيَ إليَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} (الآية "١" من سورة الجن "٧٢")
(٣) مَفْعُولَةً غيرَ مَحكِيَّةٍ بالقَوْلِ نحو: {وَلاَ تَخَافُونَ أنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ باللهْ} (الآية "٨١" من سورة الأنعام "٦") .
(٤) مُبْتَدأ نحو: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً} (الآية "٣٩" من سورة فصلت "٤١") . ومنه {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ} (الآية "١٤٣ - ١٤٤" من سورة الصافات "٣٧") . والخبرُ محذوف وُجُوباً (لأنه بعد "لولا" يقول ابن مالك "وبعد لولا غالباً حذف الخبر") . أي ولولا كَوْنُه من المُسَبِّحين مَوْجُودٌ أو وَاقِعٌ.
(٥) خَبَراً عَنِ اسْمِ مَعْنىً، غيرِ قَوْلٍ، ولا صَادِقٍ عليه خَبرُ "أنَّ" نحو: "اعْتِقَادي أَنَّ محمداً عَالِمٌ" (اعْتِقَادِي: اسمُ مَعْنىً غير قولٍ، ولا يَصْدقُ عليه خبر "أن" لأن "عالم" لا يصدُقُ على الاعتقاد، وإنما فتَحتَ لِسَدِّ المَصْدر مَسَدَّها ومَسَدَّ مَعْمُولَيْها، والتقدير: اعْتِقَادي عِلْمُهُ، بخلافِ "قَوْلي" أنه "فَاضِل" فيجِبُ كسرُها، وبخلافِ "اعْتِقاد زيدٍ إنه حق" فيجب كَسْرها أيضاً، لأنَّ خَبَرَها وهو "حقٌ" صَادقٌ على الاعتقاد.
(٦) مجرورةً بالحَرفْ نحو: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقُّ} (الآية "٦" من سورة الحج "٢٢")
(٧) مَجْرُورةً بالإِضَافَةِ نحو: {إنَّهُ لَحَقٌ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُون} (الآية "٢٣" من سورة الذاريات "٥١") . أي: مِثْلَ نُطْقِكُمْ و "ما" زائِدَة.
(٨) تابعةً لشيءٍ ممَّا تَقَدَّم، إمَّا على العَطْفِ نحو: {اُذكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُم وَأَنَّيَ فَضَّلْتُكُمْ عَلى العَالَمِينَ} (الآية "٤٠" من سورة البقرة "٢") والمَعْنَى: اذكُرُوا نِعمتي وتَفَضُّلي، أَوْ عَلى البَدَلِيَّةِ نحو: {وَإذْ يَعِدُكُمْ اللَّهُ إحْدَى الطَّائِفَتيْن أَنَّها لَكُمْ} (الآية "٧" من سورة الأنفال "٨") فـ "أَنَّها لكُمْ" بدل اشْتِمال من إحْدَى. والتقديرُ: إحْدَى الطَّائِفَتْين كَونُهَا لكُم.
(٩) بعدَ حَقّاً، وذلك قولك: "أَحَقّاً أنَّك ذاهبٌ" و "ألْحقَّ أَنَّكَ ذَاهبٌ" وكذلكَ في الخبر إذا قلت: "حَقّاً أَنَّكَ ذاهِبٌ" و "الحَقُّ أَنَّكَ ذَاهِبٌ" وكذَلِكَ: "أأكْبَرُ ظَنِّكَ أَنَّكَ ذَاهِبٌ" ونَظِير أَحَقّاً أنك ذَاهِبٌ قولُ العَبْدِي:
أَحَقّاً أنَّ جِيرَتَنَا اسْتَقَلُّوا ... فَنِيَّتُنا ونِيَّتُهُمْ فَرِيقُ
وقال عمر بن أبي ربيعة:
أألْحَقَّ أنْ دَارُ الرَّبَاب تَبَاعَدَت ... أوِ انْبَتَّ أنَّ قَلْبَك طائِر
(١٠) بعد لا جَرَم نحو قوله تعالى: {لا جَرَم أنَّ لَهُمُ النَّارَ} (الآية "٦٢" من سورة النحل "١٦") ومعناها: لقد حَقَّ أنَّ لهم النار، وهناك كثيرُ من التَّعَابير بِمَعْنَى حقاً تُفْتح أنَّ بعْدَها، فتَقُول مثلاً "أمَّا جَهْدَ رَأْيي فَأَنَّكَ ذَاهِبٌ" ونحو" شَدَّ مَا أَنَّكَ ذَاهِبٌ" وهذا بِمَنْزِلَةِ: حَقّاً أَنَّك ذَاهِبٌ، وتقول: " أَمَّا أَنَّكَ ذَاهِبٌ" بمنزلَةِ حَقّاً أنَّك ذَاهِبٌ، ومثلُ ذلك قولُه تعالَى:
{إنه لحَقٌ مثل ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُون} (الآية "٢٣" من سورة الذاريات "٥١") وتَقْبَل هَمزة "إن" الفتح والكسر في مواضع (=إنَّ وأخواتها) .
وقد تخفف "أنَّ" فتكونُ مُخَفَّفة من الثقيلة (=إنْ المخففة من الثقيلة) .
أَنَّ حَذْفُ حرف البحر قَبْلها قِيَاساً (= اللازم ٤) .
أنَّ باعتبَارها مصدرية (١ و ٢) (=الموصول الحرفي) .
أنا ضميرٌ مُنْفَصِل للمُتَكَلِّم وَحْدَهُ خاصٌّ بالرفع (=الضمير) .
إنَّهْ - من أَحْرُفِ الجَوَابِ، فَهُو بمنزِلِةِ: أَجَلْ، وإذا وصَلْتَ قلتَ: "إنَّ يا هذا" قال عبد الله بن قيس الرُّقَيَّات:
بَكَرَ العَوَاذِلُ في الصَّبُو ... حِ يَلُمْنَنِي وأَلُومُهُنَّهْ
ويَقُلْن شَيْبٌ قَدْ عَلا ... كَ وقد كَبِرتَ فَقُلْت إنَّه (أو معناه: إنه الشيب. على حذف الخبر المفهوم من السياق. (=أحرف الجواب)