للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَعَلَ:

(١) فِعْلٌ يفيد الرَّجْحَان فينصبُ مَفْعُولَيْن بِشَرْطِ ألاَّ يكونَ للإيجاد كما سيأتي، ولا إيجاب نحو: "جَعْلتُ للعَامِل كذا" أي أَوْجَبْتُ له، ولا تَرتيبَ نحو: "جعلت بَعْضَ مَتَاعِي على بَعْض". ولا مُقارَبَة، وهي من أخواتِ كاد.

(أ) فالرجحان: {وَجَعَلوا المَلائِكَةَ الَّذين هُمْ عِبادُ الرَّحْمن إناثاً} (الآية "١٩" من سورة الزخرف "٤٣") فالملائكةُ: مَفعولٌ أوَّلُ وإنَاثاً مفعولٌ ثانٍ.

(ب) أن بُفيدَ التَّصْييرَ - وهو الانتقال من حالةٍ إلى أخرى - نحو: {فَجَعَلْناه هَباءً مَنْثُوراً} (الآية "٢٣" من سورة الفرقان "٢٥") فالهاء مفعولٌ أوَّلُ وهباءً مفعولٌ ثانٍ.

(٢) من الأفعال النواسخ التي تفيد الشروع وتعملُ عمَلَ "كانَ" إلاَّ أنَّ خَبَرَها يجبُ أنْ يَكونَ جملةً فِعْليةً من مضارعٍ رافعٍ لضمير الاسم، وشَذَّ مِنْ شَرْطِ المُضَارع قَولُ ابنِ عبّاس "فَجَعَلَ الرَّجُلُ إذا لَمْ يَسْتَطِعْ أن يَخْرُجُ أَرْسلَ رَسُولا" إذْ جَاءَ الخبرُ ماضياً.

كما شَذَّ مَجِيءُ الجُمْلَةِ الاسْمِيَّةِ خبراً لـ "جَعَل" في قول الحَماسي:

وَقَدْ جَعَلَتْ قَلُوصُ بَني سُهيل ... مِنَ الأكوارِ مَرْتَعُهَا قَريبُ

فجملةُ "مَرْتَعُها قَريبُ" خَبرُ لجعلتْ وهي جُمْلةٌ اسمِيةٌ وهو شاذٌّ. وتُسْتَعْمَلُ "جَعَلَ" في الماضي، وهو الأصلُ، وقد تُسْتَعْمَلُ في المُضَارِع، حَكَى الكِسائي:

"إنَّ البَعيرَ لَيَهْرَمُ حَتَّى يجْعَلَ إذا شَرِبَ الماءَ مَجَّه" وفيه شذوذُ وُقُوعِ الماضي خَبَراً.

أمَّا قولُ أبي حَيَّة النُّمَيْري:

وقد جَعَلْتُ إذا ما قُمْتُ يُثْقِلُني ... ثَوْبي فأَنهضُ نَهْضَ الشَّارِب الثَّمِلِ

فـ "ثَوْبي" بدلُ اشتمالٍ من اسم جَعَل، تقديره: جَعَل ثَوْبي يُثقلني، ففاعل يُثْقِلني ضميرٌ مستتر فيه، هكذا خَرَّجُوه وهو ظاهر التكلُّف والبيت دليلٌ على جواز كونه غيرَ سَبَبي، وثوبي فاعل يُثقلني.

(٣) أمَّا كَونُها بمعنى أَوجَد فَتَتَعَدَّى إلى مَفْعولٍ واحِدٍ، مِثل: {وجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ} (الآية "١" من سورة الأنعام "٦") . المَعْنى أوْجَدَ وخَلَقَ لأَنَّها في سياقِ قوله تعالى: {الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرْضَ وجَعَلَ الظُّلُماتِ والنُّورَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>